الأغلبية الصامتة: زعيق

نشر في 22-03-2012
آخر تحديث 22-03-2012 | 00:01
No Image Caption
 إبراهيم المليفي إن الحبال الصوتية تلتف حول الوطن الصغير لتخنقه، والزعيق المتواصل أصاب الكل بالصمم، والحوار قرر الهجرة حتى تعود معه فضيلة الاختلاف على متن نفس الرحلة، رفقاً بالوطن الصغير، لا نقول ذلك للمشاركين في مبارزات الزعيق، بل نقولها لمن يملك زر التحديث والإلغاء لكل هذا التعب السديمي.

في اليابان المتقدمة جداً مسابقة لأعلى صرخة، والفائز يأخذ جائرة وسط جو من اللهو النادر والفرحة التي تتحول إلى وقود يشعل العمال حماساً للعمل والإنتاج، هنا لدينا مبارزات سديمية في الزعيق والتذمر ليس لها موسم أو فائزون بالمراكز الثلاثة الأولى، أو فئات عمرية وطبقات عليا أو سفلى، والأخطر لا يوجد لهذه الحالة من التآكل مدير للمسابقة. المبارزة مستمرة طالما يوجد إقبال جماهيري متواصل لا يعرف الراحة، والأكثر نشاطاً هو الذي يحصد الجوائز بعد كل جولة حتى يسقط من التعب؛ ليأتي من بعده اللسان الجديد ليأخذ مكانه ويجري عليه ما جرى على سلفه، لقد أصبحت الأحبال الصوتية هي الجزء الحيوي والفاعل في حياتنا، ومن يدخر حباله ليوم غير هذا اليوم أو ظن أن الأمور ستمضي بالهدوء والتدرج، سينكمش ويتضاءل حتى يختفي.

في أتون المبارزة الكل يستهلك القهوة بجنون، يريدون البقاء نشطين إلى ما لا نهاية لأن الصامت مستفيد والبطيء خائن، لقد أقسموا على ألا يتركوا أي جزء من الوقت يمر دون أن يشحن ببطولاتهم الوهمية وخطاباتهم الفارغة، ولكن الوقت يأبى أن يحمل معه سوى الملامح غير المكتملة وبعض الذكريات الحزينة.

في مسابقة الدمار الوطني يستلم اللاعب المتقيظ دوماً جائزته داخل حلبة السباق، وليس بعد القضاء على خصومه، لأن اللعبة كما قلنا لا تنتهي، بعضهم استلم مصير وطن، وبعضهم أمسك بسراب مقعد القيادة، يسأل حكيم هو في نظر الزاعقين متآمر في كل الأحوال: متى يحين وقت العمل؟ فيأتيه الرد بهمس هذه المرّة، ألا تفهم؟ نحن لا نجيد ذلك.

إن الحبال الصوتية تلتف حول الوطن الصغير لتخنقه، والزعيق المتواصل أصاب الكل بالصمم، والحوار قرر الهجرة حتى تعود معه فضيلة الاختلاف على متن نفس الرحلة، رفقاً بالوطن الصغير، لا نقول ذلك للمشاركين في مبارزات الزعيق، بل نقولها لمن يملك زر التحديث والإلغاء لكل هذا التعب السديمي.

back to top