أحاول قدر المستطاع أن أنظر إلى هذه الانتخابات التي قاطعتها بتجرد، وقد لا تسعفني العاطفة في ذلك، لكن أقدم هذه القراءات لعلها تكون صائبة:

Ad

- تعد انتخابات ديسمبر 2012 أقل انتخابات برلمانية في تاريخ الكويت الدستوري من حيث نسبة المشاركة على الإطلاق، تلك هي الحسبة بلغة الأرقام المجردة.

- إحدى حجج المشاركين في الانتخابات أن مرسوم الصوت الواحد يعطي فرصة للأغلبية الصامتة التي تعادل نسبتها 40 في المئة من الناخبين تقريباً في كل الانتخابات النيابية وفق نظام الدوائر الخمس بأربعة أصوات، تعطيهم فرصة المشاركة واختيار من يمثلهم، ورغم ذلك فقد انتهت النسبة إلى 38.7 في المئة من إجمالي الناخبين، بمعنى أن أكثر من 60 في المئة لم يشاركوا، وهو ما يعني أن رقعة الصامتين ارتفعت ولم تقل.

- سخرية البعض من الأسماء التي نجحت يوحي بأن الأسماء في المجالس السابقة كانت متميزة على صعيد الطرح والرؤى، وهو منافٍ للواقع تماماً، فالطرح المتدني وغياب الموضوعية بل وتزوير إرادة الشعب من خلال الفرعيات كان سمة المجالس المتعاقبة.

- لم يحقق مرسوم الصوت الواحد الهدف المعلن له، وهو القضاء على التفرقة والطائفية مثلاً، فالشيعة بالغالب صوتوا للمرشحين الشيعة، ومن شارك من القبائل صوت بالغالب لأبناء القبائل، والحضر المشاركون صوتوا بالغالب للحضر، أكره هذه التقسيمات ولكنها واقع نشاهده.

- يحسب لهذه الانتخابات أنها نبذت البعض القليل من دعاة التفرقة البارزين خصوصاً المرشح الذي حصل على 8 آلاف صوت في فبراير ليخسر كل هذه الأصوات في ديسمبر، وكذلك عدم حصول أمين عام ما يسمى بثوابت الشيعة على أكثر من 30 صوتاً.

- يحسب على هذه الانتخابات أنها قدمت أكثر من 10 نواب لا يمثلون حتى 2 في المئة من ناخبي الدائرة، وهي نسبة لا تنسجم مع تمثيل الأمة بأسرها أبداً.

- كمية الكذب والتزوير والانقسام الذي شهدته هذه الانتخابات أثبت أن مرسوم الضرورة لم يوحد الكويتيين كما كان منشوداً، بل زاد من حدة تنافرهم وفرزهم.

- يشير البعض إلى أن المجلس قدم أقليات لم تكن تحظى بفرصة من ذي قبل، وأعتقد أن الأقليات وصلت إلى المجلس، ليس بسبب الصوت الواحد بل بسبب المقاطعة من 60 في المئة من الناخبين.

لقد أفضى الشق السياسي والشعبي للتصويت وفق مرسوم الضرورة الجديد للانتخابات، حسبما أرى، إلى سقوطه شعبياً، فلو اعتبرنا أن انتخابات ديسمبر بمنزلة استفتاء شعبي لقبول مرسوم الضرورة أو رفضه، فإن النسبة تبين عدم قبول الشعب به، ولو كنت مكان الحكومة لدعوت فوراً إلى مؤتمر وطني وظيفته الأساسية تقديم نظام انتخابي جديد للكويت لا يخدم حكومة ولا تيارات، كاقتراح د. سعد بن طفلة أن يكون تقسيم الناخبين وفق أحرفهم الهجائية، أو كاقتراح د. محمد المقاطع أن يكون التصويت وفق تاريخ الميلاد، على أن يحدد لهذا المؤتمر فترة زمنية معينة للخروج بنظام انتخابي موضوعي ومدروس. وإن لم يحدث ذلك فعلى الحكومة أن تحترم هذا الرفض الشعبي لمرسومها.

أما الشق القانوني لمرسوم الضرورة المتمثل في عدم دستورية المرسوم كما أعتقد، ويعتقد كثيرون غيري، فأتمنى أن تسرع المحكمة الدستورية في بحث هذا الطعن بأسرع وقت ممكن تجنباً لمزيد من اللغط.