ساعات بغداد القديمة شاهدة على الوقت
عرفت بغداد الساعات الكبيرة ذات الأبراج العالية على غرار المنائر أيام حكم الوالي العثماني المصلح مدحت باشا، حيث شيد أول مرة في تاريخ بغداد هذا النوع من الأبراج لينصب في أعلاه ساعة "القشلة" المطلة على نهر دجلة، وكان ذلك حدثاً مهماً في تاريخ عاصمة أعرق حضارة في التاريخ، وتم ذلك عام 1869م أي بعد عشرة أعوام من نصب ساعة (بيك بن) الشهيرة التي تعلو مبنى مجلس العموم البريطاني في العاصمة لندن وتذاع دقاتها من الإذاعات البريطانية إلى جميع أنحاء العالم، ويعود لها الفضل في ضبط الساعات في بقية أقطار الدنيا، وارتبط تاريخ ساعة القشلة الأثرية ببناء القشلة، وهي الثكنة العسكرية أيام الوالي نامق باشا الكبير، وأكمله من بعده مدحت باشا، والغرض من الساعة هو إيقاظ الجنود للتدريب العسكري، وكان رنين صوتها تسمعه بغداد كلها بجانبيها الرصافة والكرخ، وكانت تزينها المصابيح مما يساعد على رؤيتها من مسافات بعيدة.ثم توالى نصب الساعات ذات الأبراج في بغداد بعد ساعة القشلة، فكانت ساعتا الكاظمين عام 1882م الأولى على الباب الشرقي مقابل ساحة النافورة، والثانية على الباب القبلي. وكان الوزير الإيراني دوست محمد خان، قد أهدى الساعة الأولى وهي من الساعات الكبيرة لدى زيارته للعراق بصحبة ملك إيران ناصر الدين شاه سنة 1870م ولما لم يكن لها موضع تنصب فيه فقد بقيت في المخزن إلى حين شيدت لها قاعدة وبرج، ونصبت عليه سنة 1883م وهي قائمة إلى اليوم تعمل بانتظام. أما الساعة الثانية وهي أكبر وأضخم من الأولى والتي وضعت على الباب القبلي فقد أهداها الحاج مهدي الأبوشهري الإيراني بعد تشييد القاعدة الثانية والبرج وكان ذلك سنة 1885م.
ثم ساعة الحضرة الكيلانية عام 1898م والتي أهديت من المسلمين في الهند وهي ساعة كبيرة ذات وجهين، وفعلا تم نصبها في الحضرة، وكانت تعمل بانتظام حتى حلت محلها ساعة ضخمة أخرى ذات أربعة أوجه كبيرة وهي الساعة القائمة اليوم في صحن الحضرة الكيلانية، كذلك الساعة الأعظمية التي شيدت عام 1930م نسبة الى الإمام الأعظم أبي حنيفة.ومن بين أهم وأجمل الساعات التي تعتز بها الذاكرة العراقية الساعة التي تزين المحطة العالمية للسكك الحديد وساعة الزهور ونصبت هاتان الساعتان على برجين شامخين يرتفعان على واجهة الباب الشرقي من أبواب هذه المحطة التي أكمل بناؤها عام 1955.