المسؤولية الأخلاقية بين الغباء السياسي والتخلف العاطفي

وقد يشارك بعض أعضاء البرلمان- ومن أوصلهم- في مسؤولية تردي الأوضاع، فمنهم المرتشي، ومنهم المتخلف فكرياً، ومنهم المنحط أخلاقياً أيضاً، ولكن مسؤولية الانفجار تقع على عاتق الحكومة التي بيدها صنعت معارضتها، بل دفعت بباقي فئات الشعب في أحضان هذه المعارضة بغباء سياسي محنك.حشود غاضبة، ولكن جل قدرتها التعبير عن غضبها دون قدرة على التحكم بمشاعرها أو تجييرها لعمل بنّاء، تحت هذا الغضب خوف مستحق من المجهول ومن حالة الضياع المتفاقم، وفي حال الاستسلام للخوف والغضب يغيب العقل وتصبح هذه الحشود جزءاً من المشكلة لا الحل. فالمتابع للحوارات على القنوات الإعلامية أو التواصل الاجتماعي يرى جلياً الاستقطاب الواضح بين أفراد العائلة الواحدة، فأنت إن لم تكن معي فأنت عدوي. إما أن تكون مع "الأغلبية" وإلا فأنت حكومي، وإما أن تقدم "السمع والطاعة" وإلا فأنت مخرب وغوغائي، وإن كنت ضد المسيرة والعنف فأنت متخاذل وجبان، وإذا أنت لست مع "البدو" فأنت مع "الشيعة". وإذا عارضت الحكومة فأنت "إخونجي" عميل، وإلى آخره من الأقطاب التي لا تسمح بالحوار ولا تفتح مجالاً لصوت ثالث قد يكون هو المطلوب حالياً للوصول إلى حل يحقن الدماء، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من تسامح ونسيج اجتماعي.وفي ظل الغباء الحكومي تبقى مسؤولية القيادة و"العقل" على التيارات السياسية الفاعلة لتوجيه الحراك الشعبي باتجاه إيجابي وفعال، وهنا نواجه بالأزمة الأخلاقية لدى هؤلاء، فمن تنظيمات ذات مصلحة مباشرة في الفوضى والدمار وفي زيادة الشق بين الشعب والحكم، إلى أخرى مشغولة بحسبتها الانتخابية الآنية ولا ترى أبعد من أنفها، إلى أخرى ترى في القيادة ركوب الموجة وإسماع الجمهور ما يرغب سماعه، فلا تملك أن تعبر علانية عما تكنّ في الخفاء، فنجد المعلومة المغلوطة والمبالغة والتهويل والترهيب والترغيب دون أي حس بالمسؤولية تجاه الغير.اليوم وأكثر من أي وقت آخر نحن في أمس الحاجة إلى حوار وطني صريح بين كافة التيارات السياسية الفاعلة على الساحة ينتج عنه ميثاق شرف ينسق الجهود، ويقارب وجهات النظر، وينأى بالشارع عن العنف ولغة الكراهية والتعصب، وباتجاه عمل شعبي موحد نحو الإصلاح والحريات.