الهدف من أي خطة أو برنامج حكومي هو تقديم خدمة جيدة وحماية المجتمع وتنميته والحفاظ على الممتلكات والأرواح، أي أن الهدف العام هو إسعاد البشر، لذلك إذا رأينا الاكتئاب والاحتجاج والتذمر يتزايد فلابد أن تكون أسبابه خللاً في تخطيط وتنفيذ ومتابعة أعمال الحكومة.

Ad

لو سئلت عن دليل على ضعف الإدارة الحكومية لاكتفيت بدليل واحد من عشرات الأدلة، وهذا الدليل يشمل كل عناصر الإدارة... ألا وهو طرق الكويت. فطرق الكويت تبين لنا "تأخر التخطيط"، و"سوء التنفيذ"، و"غياب المتابعة" مع تعاظم التكلفة.

التخطيط لشوارع الكويت حتى يومنا هذا لم يعمل حساباً للزيادة المطردة في أعداد المركبات رغم حجم الإنفاق الهائل على مد الطرق إلى كل مكان في الكويت. ولو زار أحد من المسؤولين عن التخطيط دولاً أخرى لرأى أن الدول تخطط شوارعها لخمسين سنة قادمة، ولديها حسابات للزيادة المتوقعة للمركبات وأحجامها وحركة السير في كل دقيقة أثناء الليل والنهار. ونحن الآن نغرق في بحر الزحام واختناقات المرور في كل مكان وفي كل وقت.

إن التخطيط السليم هو الذي يُبنى على دراسات مستفيضة لحاجات البلد لسنوات طويلة ويترك فرصة ومجالاً للتوسعات الأفقية والرأسية تسمح بالتوسع دون أن تصيب البلاد بالشلل كلما جد جديد.

وعند التنفيذ، تتحول شوارع الكويت إلى حفر في وقت قصير مقارنة بالدول الأخرى، ويبدو أننا نعاني مشكلة في وضع المواصفات واختيار المواد، أو التعاقد مع مقاولين لا يستطيعون تقديم أفضل من هذه الطرق والمواد.

إن يوماً واحداً لمسؤول يمر بكل الطرق في جميع مناطق الكويت يظهر له كيف تحولت الشوارع إلى مطبات وحفر حتى في النواحي التي لم يمر على انتهاء العمل بها عامان أو ثلاثة أعوام.

إن أسوأ مثال على مستوى التنفيذ سواء بالنسبة للمقاولين ومن قبلهم وبعدهم المسؤولون عن تسلم الشوارع، يمكن أن نراه في فتحات المجاري في كل شوارع الكويت إما فوق مستوى الشارع وإما دون مستوى الشارع، مما تؤدي إلى تدمير السيارات وتتسبب في الحوادث، ويندر أن تجد فتحة في مستوى الشارع، ولا أفهم كيف ولماذا تقبل الجهات المسؤولة بخلل مثل هذا؟!

أما بالنسبة لعنصر المتابعة، فيبدو أنه غير موجود بتاتاً، فالمتابعون غير موجودين إلا إذا جاءت شكوى ليقوموا بإعادة "تبليط" الشارع كله بعد أن يطفح الكيل بالناس. ولو زار المسؤولون الدول الأخرى لوجدوا أن لكل منطقة، سواء كانت محافظة أو مدينة كبيرة، جهاز صيانة كاملاً يتمتع بميزانية خاصة لإجراء أعمال الصيانة المستمرة. إنهم لا ينتظرون حتى وقوع الحادثة أو كثرة الشكاوى، بل إنهم يرونه عيباً أن تظهر حفرة في أصغر الطرق الجانبية، وترى أعمال الصيانة في هذه البلدان مستمرة، كما أنهم يقومون بذلك بفن واقتدار دون إزعاج المرور، وكثيراً ما يعملون في أوقات نوم الناس للإسهام في تخفيف الازدحام.

من العيب عندهم أن تختفي علامات الطريق، أما عندنا فلا نرى العلامات تعود بعد الشهور الأولى من رسمها إلا إذا زارنا رئيس دولة أو كان هناك مؤتمر دولي، فتعديل الطرق وصيانتها للمباهاة فقط لا ضمن برنامج محدد لأعمال الصيانة.

الأسوأ أن الإنفاق الحكومي على الطرق ذات الجودة المتدنية والسريعة العطب والعديمة الصيانة، هو الأعلى في العالم، ولك أن تقيس أداء الحكومة في مجالات أخرى في ضوء هذا المثال.

إن الهدف من أي خطة أو برنامج حكومي هو تقديم خدمة جيدة وحماية المجتمع وتنميته والحفاظ على الممتلكات والأرواح، أي أن الهدف العام هو إسعاد البشر، لذلك إذا رأينا الاكتئاب والاحتجاج والتذمر يتزايد فلابد أن تكون أسبابه خللاً في تخطيط وتنفيذ ومتابعة أعمال الحكومة.

وبدون حكومة جادة وكفؤة تدرك قيمة وأصول التخطيط والتنفيذ والمتابعة، فإن حالة التذمر ستستمر.