في الكويت صخب كثير، وجعجعة بلا طحن، لها أول وليس لها آخر. متى ستستقر نفوس الناس وتهدأ الأشياء؟ لا أدري. في وسط تلك الفوضى العارمة احتفلنا البارحة بإنجاز صغير في حجمه كبير في معناه، عمل تطوعي غير ربحي من ألفه إلى يائه نظمه المجتمع المدني ونفذه. فمنذ عام ونصف تقريباً، وحيث إنني كنت مسؤولاً عن ملف الأمم المتحدة الخاص بالصومال قرابة العشر سنوات، طرح عليّ تلميذي وأخي الصغير عصام الجامع فكرة مساعدة الطلاب والطالبات الصوماليين المولودين والمقيمين بالكويت، الذين أنهوا الثانوية العامة ولم يتمكنوا من مواصلة تعليمهم أو الحصول على عمل. وبعد دراسة مستفيضة وتحديد الأعداد المتوقعة تم تبني فكرة توفير منح دراسية لهؤلاء من خلال مركز السلام للدراسات التنموية والاستراتيجية، الذي كنت قد أنشأته حديثاً كمؤسسة غير ربحية. بدأ العمل بالاتصال بعدة معاهد تمنح دبلوماً عالياً في أكثر من 25 تخصصاً مختلفاً، فاتفقنا مع معهد الأثري الذي تعاون معنا في كل التفاصيل، ثم شكلنا لجنة من عدد من الإخوة الأكاديميين الصوماليين في الكويت بالتعاون مع السفارة الصومالية لاستقبال الطلبات وفرزها والتأكد من استيفائها للشروط. ثم بدأنا عملية جمع التبرعات والحمد لله تحققت بأسرع مما تخيلنا، ومع أن المبلغ الذي تبرع به أهل الخير بالإضافة إلى تبرع مشكور من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كان يغطي 60 منحة فقط، إلا أننا قررنا قبول جميع المتقدمين الذين بلغ عددهم 70 طالباً وطالبة. وعندما اكتملت التفاصيل المادية واللوجستية أقمنا احتفالاً بمناسبة انطلاق المشروع في شهر ديسمبر 2010، وها نحن نحتفل بتخرج الطلاب والطالبات آملين أن يتمكنوا من الإسهام في خير مجتمعهم سواء الكويتي حيث ولدوا وترعرعوا، أو الصومالي حيث ينتمون، أو أن يسهموا في خير البشرية فعمل الخير لا تحده حدود. الفكرة بسيطة جداً والجهد لم يكن كبيراً، والمصلحة لم تكن مادية، والنتائج من الممكن أن تكون أكبر بكثير مما قد نتوقعه. وقد وجهنا الدعوة إلى وزير التربية والتعليم العالي الصومالي الدكتور أحمد إبراهيم عيديد الذي لم يتوان عن القدوم بضيافة مركز السلام مضيفاً بعداً جيداً إلى المناسبة. والشكر لكل مَن أسهم في الإنجاز دون استثناء، وهو إنجاز يدفعنا إلى التفكير في مشروع آخر وربما مشاريع أخرى على نفس الوتيرة ونفس المنوال.
Ad