دأبت بعض وسائل الإعلام على التقليل من الحراك الشعبي الذي عاشته البلاد خلال الفترة الماضية، وتشويه رموز المعارضة الذين قادوا هذا الحراك، تارة بزعم أن منطلقاتهم مصلحية وليست وطنية، وتارة وهو الأخطر بأنهم ينفذون أجندة خارجية ويتلقون أموالاً مقابل ذلك!
ومن بين القصص المختلقة ما قاموا به من إيهام الشارع بأن هناك تدخلاً قطرياً، وأن هناك أموالاً وهبات أعطيت لهذه المعارضة، وكل هذه القصص الخيالية لم تثبت صحتها، بل ثبت اختلاقها، فرمز مثل المخضرم أحمد السعدون مواقفه ليست طارئة بل ثابتة ومشهودة منذ سنوات السبعينيات في الوقت الذي كانت قطر تعيش السنوات الأولى لاستقلالها.دولة قطر انتهجت سياسة مغايرة على الصعيدين الإقليمي والدولي منذ منتصف التسعينيات، ونحن في الكويت اختلفنا مع كثير من مواقفها إلا أن ذلك لا يلغي عمق العلاقات الرسمية والشعبية بين البلدين كونها جارة وشقيقة وتربطنا بها منظومة مجلس التعاون الخليجي ذات الطابع والمصير المشترك.وقد فرضت قطر خلال السنوات القليلة الماضية حضورها القوي والفاعل على الخريطة السياسية الدولية، وكان لها دور بارز في كثير من القضايا الإقليمية، فنجد أن الأوساط الشعبية الكويتية تنظر نظرة إعجاب إلى الدور الذي تلعبه قطر في دعم ثورات الربيع العربي، هذا الدور الذي بدأ في ليبيا وتجلى بوضوح في ما يجري الآن في سورية، وهو بيت القصيد، وقد حاول خصوم قطر أو بالأحرى مناصرو النظام السوري الدموي في الكويت الزج باسم قطر في حراك شعبي وطني خالص لتشويه صورتها وصورة الرموز الوطنية كما أسلفنا، وقد تلاقت هذه الأصوات مع أصوات من يحملون أجندات خاصة وخصومات شخصية مع بعض الرموز والشخصيات القطرية ليلقوا هذه الفرية على الناس؛ لدرجة أن تصل الأمور بمجموعة من أعضاء في مجلس الأمة إلى عدم التصويت على لجنة التحقيق بفضيحة "الإيداعات المليونية"، وطلب لجنة تحقيق بـ"فانتازيا التدخل القطري"!أكرر لقطر سياستها الخاصة التي قد نتفق أو نختلف معها، أما مسألة القول بتدخلها في الشأن الكويتي فما هي إلا كذبة كذبها البعض، ويبدو أنهم مع مرور الوقت بدؤوا بتصديقها، خصوصاً مع ازدياد سخونة الوضع في سورية، وما هذا القول إلا عبث بالأمن الوطني الداخلي، وإضرار بمصلحة البلاد يجب التصدي له.
مقالات
فانتازيا التدخل القطري
24-03-2012