شهدت الساحة الثقافية المحلية أحداثاً منوعة في عام 2012، أبرزها احتضان المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب للشباب عبر أنشطة ثقافية وفعاليات فنية، وحصول ستة من أعضاء رابطة الأدباء الكويتيين على جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية، واختيار رواية «ساق البامبو» للكاتب الشاب سعود السنعوسي للتنافس ضمن القائمة الطويلة لجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر».

Ad

على النقيض من هذا الاحتفاء والتكريم، صُدم المشهد الثقافي في الكويت بقرار منع دخول الكاتبة السعودية د. بدرية البشر لتوقيع كتابها في معرض الكويت للكتاب الـ37، واستنكرت قوى سياسية ومؤسسات المجتمع المدني ومثقفون وكتاب هذا الإجراء. في سياق متّصل، أطلق مركز الحوار الثقافي «تنوير» حملة «لا للرقابة» الرافضة للوصاية على المجتمع والتعسف الرقابي ضد الكتاب، وناشد المركز وزير الإعلام ضرورة السعي إلى كف عمل جهاز الرقابة القمعي، الذي يعتبر أضحوكة وسط هذه التكنولوجيا الشاسعة التي اخترقت البيوت ودعمت شغف العقول وفضول البحث والاستكشاف، مؤكداً أهمية التصدي للتعسف الرقابي ومناهضته عبر الوسائل المتاحة، وتكوين أداة ضغط، رافضاً أي شكل من أشكال الوصاية على الفرد لتحديد ما ينفعه وما يضره. كذلك أشار إلى أن هذا التضييق على القارئ مخالف للدستور ويناهض حقوقه في المطالعة، مشيراً إلى تكوين مظلة قانونية تساند هذا المطلب الثقافي.

حريق

من ضمن الأخبار المؤلمة، الحريق الذي أتى على مكتبة دار «العروبة» ومحتوياتها، فالكتب التي لم تأكلها ألسنة النيران أتلفها الدخان والرماد، وكان قد اندلع الحريق على إثر تماس كهربائي في أحد أجهزة التكييف، وكشفت الحادثة عن وجود إهمال كبير لعناصر المشهد الثقافي المحلي إلى أن جاءت مبادرة سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك بتقديم الدعم لمكتبة دار «العروبة».

في شهر فبراير الفائت، أعلن الروائي طالب الرفاعي ميلاد ملتقى ثقافي جديد بعنوان «الملتقى الثقافي» عملاً بأهمية الملتقيات الثقافية، وإيماناً بدورها الحيوي في المشاركة في تفعيل الحراك الإبداعي والثقافي على أي ساحة من الساحات الثقافية. يهدف الملتقى الثقافي إلى مد جسور من التواصل الإبداعي والإنساني بين مختلف الأجيال المبدعة والمثقفة في الكويت، عبر استضافة مبدعين لهم إنتاجهم المشهود، والاستماع إلى شهاداتهم الإبداعية، وتبادل الحوار والنقاش معهم.

كذلك استقبل المشهد الثقافي نوادي للقراءة وتبلور دورها في الساحة الثقافية، إذ بدأت تساهم في الحراك الثقافي، من بينها مركز دوافع للقراءة والكتابة الذي يهدف إلى الارتقاء بالمجتمع وتنميته عبر برامج وفعاليات أكاديمية، ودعم إصدارات الكتاب الشباب تشجيعاً للمبدعين والجوانب الفكرية والمعرفية.

جوائز

في تطور ملحوظ في توجه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، جاء إعلان جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية لهذا العام مختلفاً ومعبراً عن تغيّر بعض المفاهيم السابقة، وكانت النتائج كالتالي: حصد الجوائز التقديرية كل من الأديبة ليلى العثمان والأديب عبد العزيز السريع والفنان غنام الديكان والفنان محمد المنيع.

أما الجوائز التشجيعية ففاز بها: الشاعر إبراهيم الخالدي، الروائي سعود السنعوسي، الدكتور مرسل العجمي، الدكتور حسين بوعباس، الباحث باسم الإبراهيم، الدكتورة زينب الجبر، الدكتور عبد الهادي العجمي، الدكتور عبدالله الكندري، التشكيلي عبدالله الجيران، الممثلة أحلام حسن، الممثل فيصل العميري، والمخرج علي الحسيني.

وضمن مجال النشر، كان لافتاً ظهور دور نشر شبابية في المشهد الثقافي المحلي، استقطبت عدداً كبيراً من القراء، وتسعى هذه الدور إلى تنظيم فعاليات خاصة بها تساهم في انتشارها والترويج لإصداراتها التي تحقق نسبة مبيعات لا بأس بها، بينما يتم توجيه النقد اللاذع إلى هذه الإصدارات عبر مقالات صحافية أو ضمن ندوات أدبية، ويتمحور النقد حول مضمون هذه الأعمال وتواضع التكنيك وغياب النفس الأدبي فيها، ومن دور النشر الشبابية «بلاتنيوم» و{نوفا بلس».

تطور

في مجال النشر ذاته، تجاوز المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب أزمة توقف إصداراته، إذ سعى خلال الثلث الأخير من عام 2012 إلى إجراء تغييرات جذرية تشمل الشكل الجديد لسلسلة الثقافة العالمية إذ استمرت قرابة 30 عاماً في ترجمة الموضوعات المتنوعة إلى القارئ، لتصبح أول مجلة عربية تعنى بترجمة المقالات الأكاديمية المحكمة المنشورة في السنتين الأخيرتين، وتتضمن المجلة في حلتها الجديدة تقسيماً للموضوعات، إذ سيركز كل عدد على مجال في العلوم كالفلسفة وعلم النفس والاقتصاد.

وعقب إجراء انتخابات تكميلية للمدة المتبقية لاستكمال مدة الهيئة المقررة وفقاً للقوانين والنظم، تشكل مجلس إدارة رابطة الأدباء الكويتيين من أعضاء قائمتين هما الأديب الكويتي وقائمة المستقبل الأدبي، وفازت قائمة الأديب الكويتي بخمسة مقاعد بينما حصلت القائمة الأخرى على مقعدين، وفي الاجتماع الأول لأعضاء المجلس الجديد انتخب الباحث صالح المسباح أميناً عاماً لرابطة الأدباء الكويتيين.

جهد شخصي

في جهد ذاتي يحسب للكاتب محمد عبدالله السعيد، نظمت ورشة السهروردي فعاليات ثقافية منوعة، إذ حرص السعيد على تقديم جلسات أدبية وفكرية وتشكيلية مركزاً على النتاج التشكيلي المحلي عبر قراءة في أعمال معرض الربيع التشكيلي أو تسليط الضوء على موضوعات فلسفية تحاكي الواقع، كذلك نظمت الورشة مهرجان جريان الذي تضمن فعاليات أدبية ومسرحية وتشكيلية.

واستمر ملتقى الثلاثاء الثقافي في تنظيم أمسياته في جمعية الخريجين مستقطباً مجموعة من الأدباء والكتاب داخل الكويت وخارجها، ومركزاً على موضوعات حيوية تهم المشهد الثقافي.

في سياق متصل، تواصلت هذا العام مجموعة تجمعات ثقافية ومؤسسات فنية في تنظيم فعالياتها، إذ استضافت الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية مجموعة معارض فنية لفنانين أجانب وعرب، خصوصاً من الكويت.

فعاليات منوعة

تنوعت الفعاليات التي نظّمها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، فشملت مشارب مختلفة توزعت بين تلك الفعاليات السنوية المنتظمة وأخرى طارئة. قدّم المجلس مهرجان القرين الثقافي ومهرجان الكويت المسرحي، كذلك نظم المهرجان الثقافي للأطفال والناشئة مقدماً فعاليات فنية وثقافية متنوعة إضافة إلى دورات تدريبية مكثفة، وتشمل هذه الدورات المجالات التالية: الأشغال الفنية، الرسم على الزجاج، الخزف، البيانو، الكمان، الخط العربي، الطباعة على القماش، رسم الأكريليك، الأداء الحركي في المسرح، التصوير الفوتوغرافي، الكاريكاتور، صناعة الدمى، والرسم بالرصاص.

يُشار إلى مبادرة القاص يوسف خليفة المتمثلة في معرض «إحياء مكتبتي» وتُعنى بالكتب الفائضة عن الحاجة، دعماً للقراءة وتبادل الكتب بين القراء، وقد نالت الفكرة استحسان الزوار.