المحامي والنائب في المجلس المبطل محمد الدلال علق على تسجيل مرشحي مجلس الأمة القادم بقوله: "بانت فيلكا، عادت أغلبية مجلس 2009 غير المأسوف عليها من جديد بثوب مخروق... الحكومة ستعمل في المجلس القادم على تسكير وطمطمة ملفات الإيداعات والتحويلات والديزل سياسيا"!

Ad

تشاؤم ونظرة سوداوية لا تبتعد كثيرا عن نظرة الأستاذ عبدالله النيباري الذي سبقه بالقول: "إن المجلس القادم لن يكون سوى مجلس صديق للحكومة"، وهو تعبير "ذرب" ولطيف لكنه يحمل نفس المعنى الوارد في تصريح الدلال، وإن اختلفت المفردات تماما!

حسناً، بنظرة سريعة على أسماء المرشحين وحذف غير الجادين منهم، والذين تتكرر أسماؤهم في كل انتخابات، سنجد أننا بالفعل أمام عدد كبير من الأسماء المعروفة "بالانبطاح" و"القبض" أو على الأقل قدرتها الفائفة على "التبصيم" للحكومة بكل شاردة وواردة، بعضهم لا يزال ناشئا، وبعضهم لديه خبرة طويلة في هذا المجال، ولا يزال قادرا على العطاء لسنين!

لكن على الجانب الآخر، نرى أسماء شبابية كثيرة مجهولة التوجه ولا تزال مجرد أسماء على الورق، وقد يكون بعضهم أشد شراسة من مسلم البراك وباقي الجماعة، أو يكون مشروع "قبيض" بشكل أكثر سهولة وأقل كلفة من أهل الخبرة الذين جاوزت أجورهم الملايين في آخر دفعة على ذمة خصومهم!

من يدري؟! المستقبل لا يعلمه علام الغيوب وحده، وإن كان كل طرف يخبرنا هذه الأيام بما سيحدث بطريقة جازمة كأن "بلورة الألوسي" أمامه يرى فيها نتائج 1 ديسمبر القادم وما بعده!

على أي حال، سأفترض أن الدلال والنيباري على حق في تشاؤمهما، وأن المجلس القادم حكومي مئة في المئة وهو أمر لا أتمناه شخصيا، فالتجارب السابقة أثبتت أن الأغلبية المطلقة مفسدة مطلقة في الجانبين، سواء في الحكومة أو المعارضة، وما مجلسي 2009 و2012 ببعيدين عنا، فثقافة قمع الآخر وإلغائه متوافرة في الطرفين، والخير كل الخير أن يكون هناك توازن بين نواب الموالاة والمعارضة أو يتفوق بشكل طفيف طرف على آخر، مما يحول دون سيادة صوت الأغلبية على الأقلية، ويقلل ظهور ظرفاء الدم من الجانب المتسيد يلقون النكات السمجة كلما فتح فمه بائس من الجانب الآخر "اسكت اسكت.. ما نبي نسمع"!

عذرا، فقد شططت عما أردت قوله، وهو أنه على افتراض أن الدلال والنيباري كانا على حق في تنبؤاتهما، وأن عهدا جديدا من "حاضر طال عمرك" قادم إلينا، السؤال البريء الذي يطرح نفسه: ما دمتما تعرفان أن البلد سينهب، والفساد سيعم، والمال العام سيصبح سائبا يعلم أبناء الحلال السرقة، وأننا سنعود إلى زمن يضرب فيه المواطن فلا يجد من يأخذ له حقه، وأن كل مسؤول في الداخلية سيكون له "يوكن يفتر" به، وأن "شنط" الرشوة ستكون "رايحة جاية"، ولن يبقى جاخور أو مزرعة أو عمارة في البلد لا يستولي عليها قبيض، وأن الدستور سيصبح في جيب الحكومة، أقول ما دمتما تتصوران أن البلد متجه إلى هذا الطريق المظلم، فلماذا وقفتما تتفرجان دون أن تحركا ساكناً؟! لماذا تركتماه يضيع؟!

كان الأولى والأجدر بكما وبكل من يستشعر الخطر القادم إلى وطنه أن يكون الجدار الذي يفصل بينهما، وأن يحول بينه وبين عواصف الفساد والدمار التي تقضي على كل ما هو جميل فيه، لا أن يتخلى عنه لأي اعتبارات سياسية، ويكتفي بالتنبؤات!

نعم، أحترم قراركما وقرار أي مقاطع للانتخابات، فكما أن هناك من قاطع لاعتبارات الربح والخسارة، هناك من قاطع من موقف مبدئي ورؤية سياسية تختلف عن رؤيتي، لكنني بالتأكيد، وليعذرني أي منهم، سأحمل جزءاً من المسؤولية لهم بالتأكيد لو حدث ما يتصورونه من مستقبل مظلم وحالك، وهو ما لا نرجوه ولا نتمناه، فهناك من الرجال والنساء الشرفاء والمخلصين من لن يسمح بحدوثه، وحتى إن سمحوا، هناك أمير تعهد بكويت تكون درة للخليج في قادم الأيام، نثق به، ونثق بأنه لن يسمح لهم أبداً!