سر الجويهل!

نشر في 02-08-2012
آخر تحديث 02-08-2012 | 00:01
No Image Caption
 د. ساجد العبدلي الشتم والسباب والتجريح أداة استخدمها الإنسان منذ الأزل، سعيا لإيلام خصومه والنيل منهم، ولم يسلم من ذلك أحد على مر التاريخ، بل إن الله سبحانه وتعالى يقول في القرآن: "لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ"، ليؤكد أن هناك من الشاتمين من لن يتورع حتى عن سب الله جلّ جلاله فما بالك بغيره. ولا حاجة للقول إن الشتيمة لا تنقص إلا من قيمة قائلها، فما ضر الأنبياء ولا الصحابة ولا الصالحين ولا غيرهم أن هناك من شتمهم، وما كان قبل ذلك ليضر الله عز وجل أن الكفار سبوه عدوا بغير علم.

لهذا فإن الشتائم التي وجهها ذلك الجاهل الجويهل إلى قبيلة مطير، والتي تمثل أحد أكبر مكونات المجتمع الكويتي، ما كانت لتضرها في الحقيقة بحال من الأحوال، ولا كانت لتنال منها أو من تاريخها أو لتنقص من قيمتها، ولهذا فإن القبيلة وأبناءها ليسو بحاجة لاعتذار من أي جهة كانت، ولا لزيارات تقدير من هذا الطرف الرفيع أو ذاك لدواوينهم، وإنما إلى قيام الجهات الأمنية المسؤولة بتطبيق القانون بحذافيره، بلا تلكؤ ولا تردد ودون انتظار لتوجيهات عليا تصدر بذلك.

وعندما نطالب بهذا الأمر هنا فإننا نفعله بغض النظر عمن يكون الفرد المسيء، وبغض النظر عن حجم وطبيعة وماهية الفئة المجتمعية التي تم توجيه الإساءة إليها، كبيرة كانت أو صغيرة، إيمانا بأن الإساءة إلى أي من مكونات المجتمع بهذه الطريقة، وهي التي صرنا نراها تتكرر في الآونة الأخيرة، ما هي إلا تهديد مباشر لأمن الدولة واستقرارها وأمانها الاجتماعي، وكذلك إيمانا منا بأن التجاوز عن مثل هذا وعدم اتخاذ أقسى المواقف القانونية والعقوبات العدلية تجاهه إنما هو تفتيت متعمد للمجتمع، وإشعال للفتنة فيه.

ليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل، كما قال الشاعر، ولهذا فلا يحتاج الأمر لأي ذكاء لندرك أن هذا الجاهل الجويهل لا ينطلق بشتائمه وتصرفاته الشاذة هذه من عقله الشاطح كما يشيع البعض، فليس الرجل بالمجنون ولا السفيه، ومن يتابع نشاطاته وما ينشر عنه من أخبار وصور في قنوات الإعلام، وبالأخص الإلكترونية منها، فسيدرك أنه مرتبط بعلية القوم من "أكبرها وأسمنها"، وبالتالي فلا يعقل أن هؤلاء يصاحبون مجنونا أو سفيهاً، ويفتحون له أبواب دواوينهم، ولذا فإننا ندرك تماما أن هذا الجويهل ليس سوى مخلب قط لأطراف أخرى من خلفه تتقصد أن تعبث بالنسيج الاجتماعي وأن تثير الفتن، وذلك في توقيتات محددة بطريقة معدة ومرسومة مسبقا، بهدف تمرير أجندات معينة وصرف النظر عنها، وقد صار من الواجب الانتباه وعدم الانجراف في هذا المنزلق، ولا داعي لذلك لمقابلة أي من الجهات العليا للشجب والاستنكار أو الشكوى، إنما الصحيح هو المسارعة لاتخاذ موقف سياسي وشعبي معلن واضح وصريح تجاه هذه الإساءة التي تطاولت على مطير، وهي الهادفة في الحقيقة إلى إشغال المجتمع وفتنته، ومن ثم المسارعة إلى اتخاذ كل الخطوات قانونيا وسياسيا وشعبيا لمواجهة ذلك.

قبيلة مطير، فيما حصل اليوم، تمثل في الحقيقة كل شرائح وفئات المجتمع، وكما أن هناك إساءات قد طالت بالأمس قبائل وفئات وشرائح مجتمعية أخرى لمرات عديدة، وثارت على إثرها ذات الضجة والفورة المجتمعية، ومرت بعد ذلك للأسف دون أي عقوبات رادعة، فإن الإثارة المجتمعية اليوم غالبا ستسير في ذات المسار ولن تؤدي إلى أي شيء، وسرعان ما ستخبو وتنطفئ كما حصل سابقا، وستستمر الإساءات والشتائم المخطط لها بين وقت وآخر بهدف إشغال المجتمع.

يجب ألا يمر ما حصل اليوم أبدا بلا مواجهة حقيقية، ويجب أن تدرك السلطة التنفيذية، بل يجب أن يدرك النظام بأسره، أن استمرار التراخي أمام هذا التفتيت المتعمد للمجتمع، وترك العابثين يمارسونه ستكون نهايته وخيمة جدا على الجميع، وعليهم هم أولا قبل الجميع.

نعم، ليس هذا الجاهل الجويهل بشيء يذكر في عيون العقلاء وأهل الحكمة، ولكنه في ذات الوقت صار يمثل وجه المشهد السياسي حاليا، وشعارا يراد له أن يكون مقبولا ومألوفا حتى يصبح شعار المرحلة، ومن هنا لزم التصدي له وسحقه تماما لأجل أمن الكويت وأمان أهلها جميعا.

back to top