البدون والحل النهائي
قد يتساءل البعض عن معنى ومغزى قيام ثلاث منظمات دولية، اثنتان تعتبران الأهم على مستوى العالم، وهما منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش، والثالثة أكثر تخصصاً، وهي الرابطة الدولية للاجئين، بتوجيه رسالة مشتركة إلى صاحب السمو أمير البلاد حول قضية البدون تحديداً. الرسالة جاءت من ثلاث منظمات تعرف الكويت جيداً، وتدرك موضوع البدون بتفاصيله، فقد زاد مجموع زياراتها للكويت على 15 زيارة خلال أقل من ثلاث سنوات. وفي حين أن تلك الزيارات كانت تتطرق إلى قضايا متنوعة، إلا أنه في كل الأحوال كانت قضية البدون حاضرة، بل إن بعض تلك الزيارات كان مخصصاً للبدون، بل إن زيارة أخيرة لـ"الووتش" كانت مخصصة لعقد مؤتمر صحافي حول تقرير بحثي عن البدون، وفي كل زيارة لكل منظمة على حدة كانت اللقاءات تتم مع مسؤولين على أعلى مستوى يسمعون الكلام والوعود، ولكن عند الفحص الميداني يدركون استمرار التناقض بين ما يقال وبين ما يجري على أرض الواقع. إذاً فالمنظمات الثلاث تعرف وضع البدون جيداً، وتعرف أيضاً الكلام الرسمي المكرر، وهي تشعر بالإحباط من تعهدات الدولة التي لا تلتزم بها. أما حكاية البطاقات الملونة فهي تدل على أن الحكومة الكويتية لا تدرك إطلاقاً البعد الرمزي في ذاكرة التاريخ العالمي للعنصرية من خلال إعطاء ألوان للتمييز بين الفئات الاجتماعية، وهي خطوة على الحكومة أن تتراجع عنها بأسرع وقت، لكي لا تفضحنا في المحافل الدولية، وعليها أن تستبدلها بأي تصنيف آخر. إن الذي فكر في استخدام البطاقات الملونة، إنما يقوم من حيث يدري أو لا يدري، بالإضرار بسمعة البلد عبر إجراء إداري سطحي بيروقراطي. رسالة المنظمات الثلاث هي مؤشر على أن الإجراءات الحكومية لحل قضية البدون مازالت غير كافية وغير مقنعة، خاصة عندما تأتي من جهات دولية تعرف المشكلة بتفاصيلها وملفاتها. حذرنا في السابق ونحذّر حالياً من مغبة التلكؤ والتباطؤ في حل مشكلة البدون بصورة نهائية، ولكن كعادتنا إن أردنا تأخير حل مشكلة نحيلها إلى لجنة ثم لجنة وهكذا، حتى تضيع الحقوق وتتغير معالم المشكلة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.