في أنواع الصراع داخل المجتمعات على اختلاف مكوناتها ودرجات تماسكها، فإن أكثر ما يقلقني بل أكثر ما يرعبني هو الصراع الطائفي، والسبب يعود لارتباط ذلك النوع من الصراع بالعامل الديني الذي يكسبه طبقة من القداسة ودافعية متأججة لجني الحسنات وتطهير الأرض من أصحاب المعتقدات الأخرى.
في الصراعات الاجتماعية بين مناطق الداخل والخارج توجد هناك تفسيرات عدة لها نستطيع من خلالها إيجاد الحلول التي تخفف منها، هناك تفسير أتبناه يؤكد أن المحرك الرئيسي وليس الوحيد لهذا النوع من الصراع يعود إلى "الثروة" والتنافس عليها، فريق يرى أن رزقه ومعاشه تأثر بسبب تزايد أعداد الكويتيين بسبب التجنيس وفريق آخر يعتقد أن فئة محددة تحظى بالكثير من الامتيازات دون غيرها، وقد تصاعدت حدة التشاحن بين الفريقين بسبب إهدار الإدارة الحكومية لقيم العدالة والمساواة بين أبناء الوطن الواحد وجنوحها نحو سياسة المحاصصة والتمييز بين الفئات المختلفة بشكل دوري.خطورة الصراع الطائفي تكمن كما ذكرت في العامل الديني، ما يعني أن الطائفية لن تنتهي لأن الأديان والمذاهب باقية، كما يعني أن قاعدة المشاركين في هذا "الجهاد المقدس" عريضة وتحمي المتطرفين لدى كلا الطرفين، وفي متوالية الهشاشة لصلابة الناس عموماً ومن يفترض بهم تمثيل الخط المعتدل خصوصاً، سقط الكثيرون في فخ الطائفية وشاركوا في "سعارها" في محطاتها الزمنية المتلاحقة.الطائفية لم تنته وكذلك الصراع العنصري مستمر، قد يختفي الأول بعض الوقت، ليس لأن المعضلة الطائفية انتهت ولكن لأن ضجيج الصراع الثاني هو الذي ملأ أرجاء خشبة المسرح والعكس صحيح.بالأمس القريب كانت الوطنية تنزف بسبب قضية "التأبين" لأن المتطرفين لدى الطرفين تسيدوا الساحة ومازالوا موجودين، ولأن السلطة وقفت تتفرج ولأن الصوت الوطني عاجز عن مقارعة ثلاثة أطراف في وقت واحد، واليوم تشهد الكويت وشعبها صدعاً غير مسبوق بسبب مرسوم "الفتنة"، وبعدما حدث ما حدث من مقاطعة شعبية وسياسية ناجحة، خرج لنا مجلس الصوت الواحد يحمل في أحشائه بذور فنائه، خوفي وقلقي ليس فقط لأن الصراع الطائفي منتج كويتي خالص، ولكن لأننا أثبتنا أننا نستورد كل شيء حتى الصراعات الإقليمية، فكم من الضرر سيلحق بالكويت قبل أن ينتهي مجلس الواحد في المئة.في الختام، قريباً جداً سينسحب الصراع العنصري بين الداخل والخارج من على خشبة المسرح السياسي الكويتي وسيتقدم ضجيج الصراع الطائفي على بقية الأصوات، وسنشهد تحالفات لم تكن بالحسبان في يوم من الأيام لأن طبيعة الصراع اختلفت، لست متشائماً ولا أريد نشر صورة سلبية عن المستقبل، ولكن ما هو موجود من مفاعيل الصراع معروف تاريخها وحجم تطلعاتها وأمانيها.الفقرة الأخيرة:ترونها بعيدة ونراها قريبة.
مقالات
الأغلبية الصامتة: ترونها بعيدة ونراها قريبة
06-12-2012