اليوم ونحن نتذكر المواقف النبيلة تجاه الكويت من الدول العربية التي زحف لها الربيع العربي وسالت فيها دماء من كان نصيراً لنا في تحرير الكويت، لا يسعنا إلا أن نسأل الله عز وجل أن يحقن دماءهم ويحفظ أعراضهم، فنحن عشنا مرارة الظلم الذي لن نرضاه لغيرنا.

Ad

بعد مرور 22 سنة على الغزو العراقي لدولة الكويت مازالت الأسباب التي دعت المقبور صدام حسين لغزو الكويت مجهولة، فمرة يقال حبه للسلطة كان وراء ذلك، ومرة يقال إن الإدارة الأميركية أعطته الضوء الأخضر عبر السفيرة الأميركية، لكن المؤكد أنه حصد جزاء فعلته حتى جاء اليوم الذي شفى الله قلوب الكويتيين، وقبلهم أبناء شعبه الذين أذاقهم كأس الذل والهوان ليلقى القبض عليه ذليلاً في حفرة لا يتجاوز طولها وعرضها المترين.

مسلسل "ساهر الليل" أعاد الكثير من الذكريات لمن شهد أحداث الغزو، وكيف عاش الشعب الكويتي تلك المحنة، كما فتح المجال للكثير من التساؤلات للأبناء الذين لم يعوا تلك الأحداث.

اليوم وأنا أسترجع تلك الأحداث تذكرت مواقف الشعوب ورؤساء الحكومات العربية والعالمية التي انتصرت لمظلومية الشعب الكويتي، وكيف كنا نعيش تلك اللحظات لحظة بلحظة نترقب وقفة الشرفاء لتحرير الكويت.

بوادر الفرج بدأت منذ اللحظة الأولى، فالشعب الكويتي تمالك نفسه والتفّ حول قيادته الشرعية ليدحض مشروع الانقلاب الذي روج له صدام حسين، كما كان للمملكة العربية السعودية، شعبا وقيادة، الدور الأكبر في مواساة الكويتيين هم وإخوانهم من دول مجلس التعاون الخليجي، الذين سجلوا أروع صورة في التآخي، حتى كان الواحد منهم يخرج من بيته ليقدمه لأول أسرة يصادفها، ليسجلوا بذلك أروع ملحمة تاريخية في الإيثار, هذا الموقف الخليجي تبعه مواقف أخرى لا تقل روعة من دولتين عربيتين هما مصر وسورية.

المواقف الدولية الأخرى التي لا يمكن أن ننساها جاءت من الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وجمهورية فرنسا والتي أخذت على عاتقها إصدار قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة.

لقد منّ الله علينا بنصر سريع أعاد الكويت لأهلها، ولذا تجد أبناء الكويت يقفون إجلالا لمن وقف إلى جانبهم، فهم لن ينسوا من وقف معهم من مواطني تلك الدول ورؤسائها، واليوم ونحن نتذكر تلك المواقف النبيلة نرى من تلك الدول من زحف لها الربيع العربي وسالت فيها دماء من كان نصيراً لنا في تحرير الكويت، فلا يسعنا إلا أن نسأل الله عز وجل أن يحقن دماءهم ويحفظ أعراضهم، فنحن عشنا مرارة الظلم الذي لن نرضاه لغيرنا.

لكل منا ذكريات بعضها يستحق أن نكتبه ألف مرة، ولي الكثير منها، لكني سأكتفي بذكر حادثة حيث كنا يداً واحدة، فكنت ومجموعة من الزملاء في دورة تدريبية بولاية أوهايو بأميركا سمعنا بخبر الغزو عبر المحطات الإخبارية، ولكنها ساعات حتى نزلنا الشارع بمظاهرة تداعى لها أبناء الكويت وإخواننا من الخليجيين، وبعدها كلفت من قبل زملائي بأن أذهب إلى نيويورك لترتيب طريقة للعودة، فكانت وجهتي الخطوط الجوية السعودية التي كان لها موقف مشرف، بحيث استقبلت تذاكرنا ورتبت لنا العودة للمطار الذي نرقب.

في هذه الأثناء التي انتظرت فيها الزملاء كنت في ضيافة مجموعة من الشباب الكويتيين في مدينة نيوجرسي، والذين كانت شقتهم خلية من العمل جمعت كل أطياف الكويتيين الذين لم تفرقهم تلك التقسيمات، فقد جمعهم حب الوطن.

هذه الألفة التي فقدنا طعمها لا بد أن تعود رغما عن أنف كل حاقد، فالكويت باقية ونحن زائلون.

ودمتم سالمين.