هل بدأت معركة انتخابات الرئاسة المصرية؟
لم يبقَ على موعد الانتخابات الرئاسية المصرية الآن، غير أسابيع معدودة.فهل وجد الناخب المصري مرشحاً أو أكثر متفقاً عليه بعد استبعاد الخيول المحتمل فوزها في هذا السباق وهي: عمر سليمان، وخيرت الشاطر، وحازم أبواسماعيل. وبرز اليوم من جديد، اسم الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح المرشح القوي للتيار الديني. فهو في مقدمة المحتملين جداً للنجاح في هذه الانتخابات لأسباب عدة منها، أن هذا الرجل ذو ماض سياسي نظيف جداً، ومن أبرز قيادات "الإخوان المسلمين" السابقين الذين سعوا إلى التغيير والإصلاح، منذ أن كان طالباً في كلية الطب. وإذا كان "الإخوان" قد فصلوه حقاً من تنظيمهم، واعتبروا ترشيحه شخصياً فقط، وطرحوا أسماء سابقة ولاحقة منها: محمد سليم العوا، وخيرت الشاطر، وأخيراً محمد مرسي، نكاية- كما يقال- بـ"المجلس العسكري" لعدم دعمه لهم، لإقالة حكومة الجنزوري، وتولي "الإخوان" مقاليد الحكم، فذلك نتيجة لقوة ضغط التغيير والإصلاح والانفتاح السياسي العقلاني، الذي يطالب به
أبوالفتوح.دعم السلفيين لأبي الفتوحويتمتع عبدالمنعم أبوالفتوح الآن بشعبية واسعة مما سيضمن له النجاح في الانتخابات، كما أن وقوف الحركة السلفية إلى جانبه وتصويتهم له في الانتخابات القادمة سيكون له الأثر الفعال.وقد أكد رئيس "حزب النور" السلفي في مصر (عماد عبدالغفور) أن الحزب قد يؤيد المرشح الإسلامي المعتدل عبدالمنعم أبوالفتوح، في انتخابات رئاسة الجمهورية، كما انتقد قرار جماعة "الإخوان المسلمين" تقديم مرشح في أول انتخابات رئاسية، بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك.ومن المعروف، أن "حزب النور" السلفي هو ثاني أكبر كتلة في البرلمان بعد حزب "الحرية والعدالة". ويزعم الحزب، أنه يتمتع بنفوذ واسع على السلفيين في مصر. وأبو الفتوح هو الآن المنافس الإسلامي الرئيسي لمحمد مرسي. لكن كثيراً من السلفيين أظهروا نفوراً من مرسي ودعوا إلى مزيد من الاستقلال عن "الإخوان المسلمين".وقال عماد عبدالغفور رئيس "حزب النور" في مقابلة مع رويترز إن المعتدلين من أمثال أبوالفتوح يتنافسون على الفوز بتأييد حزبه.وأضاف عبدالغفور، أن مرشح "حزب النور" سيكون ذا مرجعية إسلامية. وستكون المفاضلة بين الموجودين هي درجة القبول بالمرجعية الإسلامية، وتطبيق الشريعة الإسلامية، ولو تدريجياً. وقد مرَّ أبو الفتوح على قواعد "حزب النور" في القاهرة، والإسكندرية، وطنطا، وتقابل مع عبدالغفور مرتين. وكان يؤكد أنه سيكون منصفاً للمصريين، وعاملاً على المرجعية الدينية. وهذا كله، سيزيد من فرص أبي الفتوح للفوز في الانتخابات الرئاسية المصرية القادمة.من هو الرئيس الضرورة؟ورغم هذا، فمصر بحاجة إلى سياسيين من ذوي الخبرة الإدارية، لشغل منصب رئيس الجمهورية. (أي إلى شخص "إدارجي" بالتعبير الشعبي المصري؛ أي إداري من الطراز الأول). فليس كل مرشح يصلح لأن يكون رئيساً للجمهورية. تحديات المرحلة القادمةوما زال المصريون حائرين في أي من المرشحين يصلح لكي يكون رئيساً للجمهورية المصرية القادمة سيما أن المصريين يواجهون التحديات التالية:1- أن لدى معظم المصريين شعوراً بأن الرئيس المقبل لن يملك بين يديه "مصباح علاء الدين السحري" لكي يستدعي "الجن" لتحويل مصر بسرعة من الفقر إلى الكفاف، ومن العجز إلى القوة، ومن الفوضى إلى النظام، ومن الكسل إلى العمل. فهناك أولويات كثيرة على كاهل الرئيس الجديد. ولا شك أن الانتخابات الحرة هذا العام، يمكن أن تضع مصر على طريق ديمقراطي جديد.2- يشعر معظم المصريين وكأنهم في "مولد سيدي رئيس الجمهورية" كما قالت الكاتبة المصرية غادة شريف. وأن الشارع المصري في واد والاختيار الصحيح لرئيس الجمهورية في واد آخر، خصوصاً فيما يتعلق بالتيار الديني المتعصب لمرشحين بعينهم وليس لخطط تنموية بعينها. وتكتب غادة شريف ساخرة مما يجري في الشارع المصري قائلة:"فإذا سألت أي مواطن عن رأيه في أي من المرشحين للرئاسة فستسمع إجابات عجيبة. سيقول لك أحدهم إن المرشح الفلاني عنده كاريزما، وسيقول لك آخر إن المرشح العلاني صحيح ماعندوش كاريزما بس عنده ضمير. وستسمع أحدهم يقول إن المرشح الترتاني محترم ووقور. وسيجيبك آخر بأن المرشح ده بقى شكله حلنجي، وبيلعب بالبيضة والحجر بس دمه خفيف. وآخر سيعلق بأنه يعجبه مرشح منهم لأنه مهذب، أو أنه سينتخب آخر لأنه متدين وبيعرف ربنا!" ثم تتساءل غادة شريف قائلة:"هو احنا عايزين رئيس جمهورية، ولا عايزين عريس؟ وهل ما تسمعه من انطباعات حتى الآن يكفى لمنصب رئيس جمهورية؟" ("المصري اليوم"، 21/6/2011).3- قليل جداً من المرشحين المحتمل نجاحهم أو فشلهم حتى الآن، قدموا خططاً مقترحة وواقعية لحل مشاكل الشعب، بالنسبة للتعليم، والصحة، والعشوائيات، إلى آخر هذه المشاكل المزمنة. ويبدو أنه من الصعوبة بمكان وضع خطط للقضاء على هذه المشاكل المستعصية، في ظل عدم تعاون الشعب المصري مع الدولة، وتحديد النسل، وزيادة عدد السكان، وهي المشكلة ذات المثال الأبرز.وكان الناخب المصري يحتاج إلى أن يسمع من المرشحين أرقاماً حقيقية، مرفقة بخريطة موارد، وجداول زمنية لتحقيق هذه الأرقام. وتقول الكاتبة غادة شريف بلسان الناخب المصري: "عندما تتأمل في تصريحات مرشحي الرئاسة وسلوكهم أمام الكاميرات ستجد أن كلامهم فضفاض ولامع. وتحركات المرشحين ما هي إلا مغازلات للشباب. فلا تشعر بأنك أمام أشخاص يقدمون ويفندون ما يجعلهم يصلحون لأن يتقلدوا منصب رئيس الجمهورية."4- لقد عُرف الشعب المصري بأنه شعب عاطفي، تخدعه الشعارات البراقة دائماً. وهو الشعب المصري الذي هتف لجلاديه وحكامه الدكتاتوريين "بالروح بالدم نفديك يا.." وهو أول من قال بهذا الهتاف، وعمَّمه في أنحاء العالم العربي كافة. لذا، سيكون من السهل خداع الناخب المصري في الانتخابات الرئاسية القادمة، رغم انعدام خبرة الأحزاب المصرية في الانتخابات الرئاسية. فلأول مرة في تاريخ مصر تتم مثل هذه الانتخابات. لذا كان مطلب الأحزاب كافة- ما عدا حزب "الإخوان المسلمين"- تأجيل هذه الانتخابات لسنة أو سنتين، حتى يتم تأهيل الأحزاب سياسياً. وفي هذا الصدد قال الناشط السياسي وعالم الاجتماع سعد الدين إبراهيم، إن "الإخوان المسلمين" هم من سيستفيدون من انتخابات سبتمبر 2011 وستخسر الأحزاب الأخرى. وهذا ما حصل فعلاً في عام 2011. وحصد "الإخوان" الغالبية من الأصوات وتصدروا مجلسي الشعب والشورى فيما بعد.فهل لعبدالمنعم أبو الفتوح بعد ذلك، النصيب الأكبر والحظ الأوفر للفوز في الانتخابات الرئاسية المصرية القادمة، التي بدأت الآن معركتها الحاسمة؟*كاتب أردن