تطورات الأوضاع اليومية في شقيقتنا العزيزة البحرين شيء يدمي القلب ويعذبنا، بل إنها خطر داهم من حولنا وعلينا، وهي تُثبت فشل دول مجلس التعاون الخليجي في تقديم النصح والدعم الصحيحين لأهل البحرين وقيادتها لإنهاء أزمتهم المشتعلة منذ أكثر من عام، لذا استمرت مظاهر العناد والتعصب من جميع الأطراف هناك، وأعطت نتائجها تمرداً واسعاً، وزجاجات "مولوتوف" مشتعلة وعبوات غاز متفجرة، وشباباً يلهب شوارع بلده بهتافات طائفية، تعزز التقسيم والعزل السني – الشيعي في جزيرة ديلمون الوادعة الطيبة التي تحولت إلى فتيل ملتهب قد يشعل المنطقة كلها.

Ad

ماذا بعد؟ هل ستبقى البحرين شوارع وقرى مشتعلة إلى ما لا نهاية، وفتياناً وشباباً يختبئون طوال النهار ليخرجوا لمواجهة الشرطة مساءً بعد أن يُعبأوا بأفكار المتطرفين وأشرطة المرشد الأعلى وأناشيد الثورة الخمينية، وبالمقابل هناك شباب تُغذى لديهم نزعة الجهاد السلفية ووعود المنازلة الكبرى لتصفية الإسلام من البدع والشوائب، وأوهام تغيير التركيبة الديموغرافية البحرينية عبر وسائل مختلفة لمصلحتهم، وهو ما يمثل فعلياً إعداداً لمواجهة دموية شاملة على أرض تلك الجزيرة الوادعة أو التي كانت كذلك، وفي ظل هذه الأوضاع إلى متى ستبقى البحرين تتحمل وضعها الاقتصادي الحالي بالاعتماد الكلي على الخارج؟

الحل الواقعي لأزمة البحرين والذي يعرفه أي مطلع على التاريخ السياسي العالمي وتجارب الأمم بسيط، ويتمثل في "علمنة" البحرين وجعلها دولة مدنية خالصة، وتجريم المظاهر الدينية في العمل السياسي، وكذلك الإصلاح السياسي المرحلي حتى الوصول إلى الملكية الدستورية الكاملة، ودون ذلك سيكون خراب البحرين لا قدر الله، فكل يوم يستمر فيه حال البحرين المجزأة طائفياً والمتصادمة على الأرض اجتماعياً، سيكرس الخطوط الطائفية الجغرافية والسكانية وسيصبح في المستقبل واقعاً لا يمكن الرجوع عنه، لذلك فإن خروج السلطة في البحرين بمشروع سياسي وطني لـ"علمنة" المملكة وتجريم المظاهر الدينية في العمل السياسي وخطوات تطبيق الملكية الدستورية التي يضمنها الجيش بقيادة ملكية له، ستضع جميع مشاريع الطائفيين على المحك وأمام إدانة وتجريم المجتمع الدولي الذي يجب أن يكون شريكاً في تقديم الدعم لاستقلالية وعلمانية البحرين، وسيكون هذا المشروع هو العمل العقلاني من أجل عودة البحرين إلى الهدوء والاستقرار وإنهاء أزمتها.

لاشك في أن بقاء فتيل البحرين مشتعلاً يهدد بعدم استقرار المنطقة وربما يشعل حرائق متتالية فيها، ولذلك نتمنى من الأشقاء في المملكة العربية السعودية أن يدفعوا ويرعوا مشروعاً جريئاً وشجاعاً لحل أزمة البحرين، وإنهاء حالة العناد والمكابرة القائمة هناك لأن عواقبها ستكون جد خطيرة، ولأن تقديم تنازلات لتحقيق تسوية كبيرة في البحرين سيكون له أثر مهم في عزل أصحاب المشاريع الخارجية من الجماعات السنية والشيعية، وسيمثل كذلك ضمانة لاستقرار الأنظمة السياسية القائمة في معظم دول الخليج العربي.

***

أتلقى العديد من الاتصالات والملاحظات من أصدقاء وزملاء وقراء حول زلات وخروقات العمل البرلماني لمجلس الأمة 2012، يريدونني أن أعلق عليها، وهي تخص مخالفات الأغلبية لمواد دستورية ولائحية ووضعها لأعراف جديدة تحت المبدأ الخطير "المجلس سيد قراراته" الذي سنه رئيس مجلس الشعب المصري السابق والمسجون حالياً بسبب مخالفاته ودعاوى الفساد ضده السيد فتحي سرور، وأنا لا أرى فائدة من ذلك، لأنني ما إن أفكر في البحث لتناول مخالفة ما للمجلس الحالي حتى تستجد عشرات أخرى، وذلك لأن هناك أغلبية برلمانية منتشية وتريد أن تفعل ما تشاء ولا تعلم أن ما تكرسه من مبادئ مخالفة ستكون في المستقبل مدمرة للعمل البرلماني وقد تنقلب عليها في يوم ما، وثمة حكومة خائفة من الأغلبية وليس لديها عزيمة لكي تحافظ على سلطاتها والمبادئ الدستورية التي تكفل استقرار الدولة وحقوق جميع المواطنين سواء كانوا ممثلين عبر الأغلبية أو الأقلية لكونها شريكاً ذا سلطات تنفيذية مع البرلمان في الحفاظ على مصالح الدولة والمواطنين.