قوى «14 آذار» تبلغ العرب والغرب رفضها استثناء اغتيال قياداتها ومناصريها من مفهوم الاستقرار
نجحت قوى 14 آذار في إحداث ثغرة، ولو غير حاسمة، في المواقف الدولية التي فسرها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وحلفاؤه في قوى 8 آذار على أنها دعم لبقاء الحكومة واستمرارها تحت شعار «تلافي الفراغ في المؤسسات». فما إن تلا الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي بعد زيارته رئيس الجمهورية ميشال سليمان مع سفراء الدول الخمس صاحبة العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي في لبنان البيان المكتوب في القصر الجمهوري الذي تضمن التصميم «على دعم حكومة لبنان ووضع حد نهائي للإفلات من العقاب» حتى انهالت الاتصالات على مكتب الأمم المتحدة في بيروت والسفارات المعنية للاستفسار عن الموقف. وبنتيجة هذه الاتصالات سارع المكتب المذكور الى توزيع بيان مصحح جاء فيه أن ممثل الامين العام والسفراء الخمسة عبروا عن «تصميمهم على دعم حكومة لبنان لوضع حد نهائي للافلات من العقاب» حاذفا «واو» العطف بين «الحكومة» و»وضع حد نهائي للإفلات من العقاب»، مستبدلا واو العطف بالــ»ل» «الهدفية» في توضيح يشدد على أن الدعم هو «لوضع حد نهائي للإفلات من العقاب» لا للحكومة بحد ذاتها.ومع ساعات قبل الظهر بتوقيت الولايات المتحدة الأميركية وساعات المساء بتوقيت الشرق الأوسط، اتصلت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس برئيس الحكومة السابق سعد الحريري الموجود في المملكة العربية السعودية للتعزية باستشهاد اللواء وسام الحسن، فما كان من الحريري إلا أن أبلغ المتصلين بأن «الشعب اللبناني يقوم بتحرك مدني ديمقراطي سلمي لإسقاط حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، مؤكدا ان قوى 14 آذار ستبقى مقاطعة للحكومة حتى رحيلها لأنها بما هي، نتاج المحور السوري –الايراني وتعمل لتحقيق مصالحه ونفوذه على حساب مصالح لبنان وشعبه وأمنه».
واعتبارا من صباح أمس الأول، باشر قادة 14 آذار في لبنان، وفي مقدمهم رئيس حزب الكتائب أمين الجميل ورئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ومنسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد وغيرهم سلسلة اتصالات واستقبالات وزيارات دبلوماسية انتهت ببيان صدر ليلا عن الناطقة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند جاء فيه: «ان الولايات المتحدة الأميركية تدعم التوصل الى حكومة جديدة تلبّي حاجات الشعب اللبناني».وفي معلومات خاصة لــ»الجريدة» فإن قادة قوى 14 آذار ركزوا في اتصالاتهم على شرح مقاربتهم للواقع اللبناني من خلال قراءة استراتيجية تنطلق من أن حكومة حزب الله برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي تعتبر جزءا من الاستراتيجية الإيرانية القائمة على استخدام القوة لفرض شروط سياسية على دول المنطقة والعالم. وأوضح قادة قوى 14 آذار للدبلوماسيين الغربيين وجهة نظرهم القائلة بأن حزب الله يعتمد الجزء اللبناني من الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة، فهو يستخدم سلاحه في لبنان من أجل فرض واقع سياسي محلي يخل بموازين القوى اللبنانية خلافا لرأي قسم أساسي من المجتمعين اللبناني والعربي، تماما كما أن إيران تستخدم برنامجها النووي من أجل فرض واقع إقليمي جديد يخل بموازين القوى في الشرق الأوسط والخليج والعالم خلافا لرأي المجتمع الدولي. من هنا، فإن من حق اللبنانيين رفض الأمر الواقع الذي يسعى حزب الله لفرضه بقوة السلاح، تماما كما يرفض المجتمعان العربي والدولي الأمر الواقع الذي تسعى إيران الى فرضه بقوة برنامجها النووي.ويتابع قادة قوى 14 آذار شرح وجهة نظرهم بالقول إن عودة الاغتيالات التي تستهدف قوى المعارضة اللبنانية ورموزها تعتبر استكمالا لسقوط «التسوية» اللبنانية برعاية عربية ودولية مثلها اتفاق الدوحة وبدأ سقوطها بسقوط التفاهم السوري السعودي، ومن ثم إسقاط الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري بقوة السلاح، والانقلاب على نتائج انتخابات عام 2009، مرورا باندلاع الثورة السورية وتهديد الرئيس السوري بشار الأسد بإشعال المنطقة انتقاما للدعم العربي والدولي للثورة التي تستهدفه، وصولا الى محاولة منع قوى 14 آذار من استعادة الأكثرية في الانتخابات النيابية المقبلة من خلال تصفية قياداتها جسديا. وعبر قادة قوى 14 آذار لعواصم القرار وممثليهم في لبنان عن رفضهم واستنكارهم استثناء اغتيالهم من مفهوم الاستقرار والسلم الأهلي في لبنان تحت أي ذريعة من الذرائع، ووضعوا المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في ضرورة إيجاد صيغة جديدة لحماية لبنان وقياداته، رافضين أن يدفعوا ويدفع مناصروهم ثمن رفض المجتمع الدولي الحوار مع القيادتين السورية والإيرانية، ومضي الدول العربية والغربية في فرض عقوبات وممارسة شتى أنواع الضغوطات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية على دمشق وطهران، في وقت يستفرد اللبنانيون السياديون ويتركون لقمة سائغة لانتقام سورية وإيران وحلفائهما المحليين.ويبدو أن قادة قوى 14 آذار سيكونون بصدد حملة دبلوماسية عربية ودولية في موازاة حركة شعبية وسياسية وإعلامية لبنانية متصاعدة من أجل دفع المجتمعين العربي والدولي في اتجاه تأمين مظلة حماية أمنية وسياسية للبنان وقياداته وسلمه الأهلي، تبدأ باستقالة الرئيس نجيب ميقاتي، وتنتهي بتدابير عملية ميدانية لمنع سورية وإيران من المضي قدما في استخدام الساحة اللبنانية متراسا لمواجهة العرب والغرب، مستبيحين دماء القادة اللبنانيين ومناصريهم وممتلكاتهم ومصالحهم الحيوية ونظامهم السياسي، وصولا الى اعادة تشكيل ديمقراطي للسلطة من خلال الانتخابات النيابية المقبلة.