لعبة روسيا القذرة!
يجب تحميل روسيا، سياسياً وأخلاقياً، مسؤولية استمرار الأزمة السورية مفتوحة على هذا النحو المروِّع حتى الآن، إذْ لولا هذا الموقف المعاند الذي بقيت تتخذه موسكو والمثير للشبهات لما استمر بشار الأسد في ركوب رأسه إلى أن أصبحت سورية تغرق في الدماء والدمار، وأيضاً في الحرب الأهلية وبحيث لم يعد ممكناً الحديث عن حلٍّ توافقي لهذه الأزمة، ولا عن محاولة لترقيع خطة كوفي أنان التي ولدت ميتة، والتي لم تُنْجِزْ إلا إعطاء النظام السوري المزيد من الوقت ليستمر باستخدام المزيد من القبضة الحديدية لمواجهة انتفاضة شعبه. لوْ أن روسيا، هذه الدولة التي سقطت أخلاقياً، لم تتخذ هذا الموقف المشبوه الذي اتخذته منذ البداية وبقيت تتمسك به بصورة مثيرة للتساؤلات والشبهات لأذعن بشار الأسد قبل أن تصل الأمور إلى ما وصلت اليه، للضغوطات التي مورست عليه وعلى نظامه داخلياً وعربياً ودولياً، ولانصاع لدعوات التَّعقُّل وقَبِلَ بإيقاف حلول العنف والقوة العسكرية الغاشمة واختار غير هذا الطريق الوعر الذي أغرق سورية في الدمار والقتل وقد يأخذها الى الانقسام والتشظي، ولوافق على الالتقاء مع مطالب شعبه في منتصف الطريق! لكن ولأن روسيا، السباقة في ذبح الشعب الشيشاني وتدمير بلاده وتشريد أبنائه في أربع رياح الأرض، وبالطريقة ذاتها التي كان اتبعها جوزيف ستالين ضد هذا الشعب وضد العديد من شعوب جمهوريات ما كان يسمى الاتحاد السوفياتي العظيم، الذي لم يكن لا عظيماً ولاهُمْ يحزنون، كانت قد ألزمت نفسها بـ"أجندةٍ" قذرة منذ البدايات من خلال هذا الموقف الذي بقيت تتخذه، مدعومة بالصين، وللأسف، وبالطبع بدولة الولي الفقيه التي استيقظت في عهدها كل النزعات الفارسية القديمة، قد ورطت بشار الأسد في موقفٍ ما عاد بإمكانه التراجع عنه، وهو الذهاب على هذا الطريق الذي اختير له حتى النهاية... ومهما حصل! والآن فإن السؤال الذي من المفترض أن يطرحه كل عربي وكل إنسان في هذه الكرة الأرضية على نفسه وعلى غيره، وقد وصلت الأمور إلى ما وصلت اليه هو: ما الذي تريده روسيا يا ترى باتخاذها هذا الموقف غير المبرر الذي كانت اتخذته منذ البدايات وبقيت تتمسك به بصورة مثيرة للاستغراب والشبهات منذ ذلك الحين وحتى هذه اللحظة؟! وللإجابة وبموضوعية عن هذا السؤال الذي أصبح مطروحاً على الصعيد العربي على الأقل لابد من الأخذ بعين الاعتبار أن روسيا كانت قد بادرت إلى دخول هذه المواجهة، التي بقيت محتدمة لنحو عام ونصف العام، والتي غدت مفتوحة على أسوأ الاحتمالات، بألوف الخبراء العسكريين والسلاح والاستخبارات والاستعراضات العسكرية البحرية والجوية، وهدف هذا كله هو تثبيت بشار الأسد على مسار التصعيد والمزيد من التصعيد الى أن أصبحت سورية مهددة بوحدتها بالفعل، وإلى أن غدت مؤامرة إقامة الدولة الطائفية العلوية التي يجري الحديث عنها قيد التنفيذ وبصورة جدية! وهذا يعني، بما أن إسرائيل هي المستفيد الأول من إنهاك سورية على هذا النحو وتمزيقها بهذه الطريقة، وأيضاً من "فكفكة" هذه المنطقة وزرعها بالدويلات المذهبية والطائفية والإثنية، أن روسيا متورطة في مؤامرة قذرة، وأنها اتخذت هذا الموقف الذي اتخذته والذي لا تزال تتخذه لتثبيت الرئيس السوري على هذا المسار المدمِّر من أجل هذا الهدف الآنف الذكر الذي هو هدف إسرائيلي، ولقاء أن تتحول قاعدتها البحرية في طرطوس إلى كل حجم هذه الدولة العلوية التي يجري الحديث عنها، والتي من الواضح أنها غدت خيار بشار الأسد الذي لا خيار غيره طالما أن رحيله عن دمشق بات محسوماً، وبات مسألة أيام وليالٍ معدودات فقط!