كان لافتاً حجم اللبس والخلط الذي جاء إثر صدور المرسوم الأميري الذي تم بموجبه تأجيل اجتماعات مجلس الأمة لمدة شهر استناداً إلى المادة ١٠٦ من الدستور.

Ad

كان ملحوظاً أن مَن صاغ الخبر عن الحدث لم يفهمه، وتعامل معه على أنه تعطيل للبرلمان استناداً إلى حالة الاحتقان السائدة في الأجواء السياسية.

كان حجم الاتصالات التي وردتني من وكالات أنباء وإذاعات وفضائيات ومنظمات دولية غير مسبوق، تطلب رأياً أو تفسيراً وتردد كلمة "تعطيل" بمعنى حل غير دستوري. وكان مثيراً للاستغراب تصريحات بعض النواب بذات الاتجاه لنكتشف أنهم كانوا يردون على تساؤلات لجهات إعلامية سألتهم تحديداً عن تعطيل المجلس، فما كان منهم إلا أن صرحوا دون حتى أن يطّلعوا على الموضوع، وربما تحولت المسألة في ذهنهم إلى معركة وهمية. طبعاً هناك نواب آخرون كانت لهم تصريحات متماسكة وواضحة بغض النظر عن الموقف منها.

المادة ١٠٦ من الدستور تمنح سمو الأمير صلاحية تأجيل اجتماعات المجلس لمدة شهر واحد لمرة واحدة، وله أن يطلب تجديدها بموافقة مجلس الأمة أيضاً مرة واحدة فقط في دور الانعقاد، ولا تحتسب مدة التأجيل من مدة دور الانعقاد.

لن ندخل هنا في الجدل القانوني والدستوري، بل سنركز على المعنى والمفهوم السياسي، وكيف أن استخداماً مغلوطاً لمصطلح قد يزيد من حالة التوتر.

منذ أكثر من أسبوع كتبت في هذه الزاوية أن حالة الاحتقان السائدة في المسرح السياسي بحاجة إلى تهدئة وأن إحدى أهم وسائل التهدئة تلك هي أخذ إجازة مبكرة، ودعوت مكتب المجلس والنواب إلى تقصير دور الانعقاد بدلاً من ٢ أغسطس إلى ما قبل ذلك، ويبدو أن تلك الدعوة لاقت أصداء لدى بعض النواب، إلا أن الحكومة كانت أسرع، وقد اتضح ذلك من خلال توضيحها لأسباب التأجيل.

وفي حديثٍ مع رئيس المجلس أحمد السعدون أكد لي أنه يتعامل مع التأجيل كحق دستوري ولا داعي لإعطاء الموضوع أكبر من حجمه. وعندما سألته عن أنه لن يتبقى إلا أسبوعان فقط بعد عودة المجلس للانعقاد في ١٩ يوليو، وهو أساساً يوم خميس، أكد لي أنهم سيضطرون إلى ضغط الجلسات إلى ٣ أسبوعياً لإنهاء الميزانيات، والتي لا يمكن فض دور الانعقاد دون إنهائها.

هل هناك حل قادم للمجلس؟ وهل علينا أن نعتبر تفعيل المادة ١٠٦ إنذاراً مبكراً للدعوة إلى انتخابات مبكرة؟ وعلى افتراض أن ذلك قد حدث في الشهر الثاني أو الثالث من دور الانعقاد المقبل فما هو الجديد في ذلك مادام في إطار احترام الدستور؟ ومن ثم العودة لصناديق الاقتراع، وهو أمر تكرر ٥ مرات خلال الــ١٢ سنة الماضية. نحن الآن في محطة تاريخية حرجة، ونحن أحوج ما يكون إلى صيغة توافقية للخروج من مأزق الركود إلى الحكم الرشيد والتنمية المستدامة، وإلا فإننا سنظل ندور حول أنفسنا ونقوم بتدمير ذاتي جماعي، ولا حول ولا قوة إلا بالله.