ماذا بعد الحل؟
الاستمرار على هذا النحو دون الاتفاق على خارطة طريق تحدد آلية تعاون وعمل توضع فيها الأهداف لإخراج الكويت من دوامة ظلت تدور فيها منذ سنين، هو التحدي الأكبر الذي ينبغي تجاوزه من خلال أمرين: أولاً، إجراء انتخابات حرة وقانونية، وثانياً، التعامل مع مخرجات الانتخابات بمسؤولية .
لم يكن غريباً أن تحكم المحكمة الدستورية ببطلان مجلس 2012، فأغلبية الخبراء الدستوريين تحدثوا عن أخطاء إجرائية صاحبت حل مجلس 2009، لذا أي معالجة متسرعة لن تجدي نفعاً إن لم تكن مبنية على أساس قانوني سليم يجنب الكويت تداعيات ما لا يحمد عقباه، فالوضع لا يسمح إطلاقاً بأي أخطاء أخرى. هذا الكم من الأحداث لم يعد على المواطن تحمّله، ولم يعد بمقدوره مجاراة هكذا ديمقراطية عرجاء تسمع فيها الكلام الجميل، وترى منها العجب العجاب، فالديمقراطية عندنا جمعت كل المتناقضات والتجاوزات، وما يحزّ في النفس أن من يتغنى بها من نواب المثاليات والقيم النبيلة تراه يتسكع في الوزارات ضارباً بالقيم عرض الحائط، أما الوزراء فحدّث ولا حرج: مسكين وطيب و"حبّوب" في المجلس، وفي الوزارة يلعب على القانون دون حسيب ولا رقيب. من المعيب أن نحمّل الديمقراطية التي أوصلت أميركا وأوروبا إلى ما هي عليه الآن، ونقارنها بما يحدث عندنا من فوضى حسنتها الوحيدة حرية التعبير، وهي الأخرى لم تسلم من الآراء المتطرفة التي يريد البعض تكييفها على مزاجه دون أن يدرك أن الحرية تقف عند المساس بحرية الآخرين. قد يصور البعض أن الشعب الكويتي قد كفر بالديمقراطية وبوجود البرلمان، وهذان الأمران بعيدان عن الواقع، لكن ما كفر به الكويتيون هو النهج السياسي الذي ينتهجه المجلس والحكومة معاً، وكأنهما خصمان يعمل كل منهما بكل جهد لكشف عورة أخيه دون مراعاة لحقوق الوطن عليهم. الاستمرار على هذا النحو دون الاتفاق على خارطة طريق تحدد آلية تعاون وعمل توضع فيها الأهداف لإخراج الكويت من دوامة ظلت تدور فيها منذ سنين، هو التحدي الأكبر الذي ينبغي تجاوزه من خلال أمرين: أولاً، إجراء انتخابات حرة وقانونية وحكومة كفؤة بمعنى الكلمة، وهذا لن يحدث بالعناد ووضع العصي بالعجلة. وثانياً، التعامل مع مخرجات الانتخابات بمسؤولية ودون استخفاف واحترام الدستور الحالي، وإن كان هناك أي تعديل له يجب أن يمر بقنواته السليمة ووفق إجراءاته الدستورية، وبما يخدم مصلحة الوطن والمواطن، وبما يحصنه من التغييرات الإقليمية والعالمية، وأن يكون بأجندة كويتية صرفة.أخيراً: - "بيان نهج" يرجعنا إلى المربع الأول بالانفراد بالقرار ليس من حيث الشكل ولكن بمكونات التجمعات التي وقّعت عليه، ومنها الحركة الدستورية "حدس"، والحركة السلفية، والتكتل الشعبي، وهنا يأتي ما حذرنا منه؛ فاختزال مسار الإصلاح على تلك الفئة لن يصب في خانة الاستقرار، وسيزيد من الاحتقان السياسي، كما أن من لم يوقعوا على البيان تصل أعدادهم أضعاف هذا التجمع مرات ومرات! - "ساحة الإرادة" علامة فارقة في الحياة السياسية، واستمرارها ضروري للحراك الشعبي والديمقراطية. - التوافق والطرح البناء للخروج من هذه الأزمة هو الأساس، وأي تزمّت لن يعود علينا بالخير... "اللهم احفظ الكويت وأميرها وأهلها من كل مكروه إنك مجيب الدعاء"... ودمتم سالمين.