بات مؤكدا، بعد التصريحات التي أدلى بها كل من وزير الإعلام ووزير العدل، أن حل مجلس 2009 لن يكون قبل صدور حكم المحكمة الدستورية في الطعن المقام من الحكومة بعدم دستورية قانون الدوائر الانتخابية الخمس والمتوقع تحديد جلسة لنظره إما في نهاية أغسطس الجاري أو في مطلع سبتمبر المقبل، وسبب أن الحكومة لن تحل مجلس 2009 قبل صدور حكم «الدستورية»، بحسب ما أعلن وزير العدل، أن حل مجلس 2009 سيلزم الحكومة بالدعوة إلى انتخابات جديدة خلال شهرين وإلا عاد مجلس 2009 مرة أخرى يمارس صلاحياته مجددا.

Ad

وبرأيي فإن الحكومة قد أرادت من هذا الحل ليس فقط عدم الدعوة إلى انتخابات جديدة وإنما إطالة عمر مجلس 2009 لأنها على ما يبدو متوقعة أن الفصل في الطعن الدستوري لن يكون قبل شهرين أو أكثر من المحكمة الدستورية، وبالتالي فصدور حكم بعدم دستورية قانون الدوائر الانتخابية، وهو ما سيترتب عليه بطلان مجلس 2009 الحالي لكونه أقيم على نظام الدوائر الخمس، أهون لدى الحكومة من حله، لأنها ستكون ملتزمة بالدعوة لانتخابات جديدة خلال شهرين وإلا عاد مجلس 2009 بقوة القانون، وقد لا تكون المحكمة الدستورية قد انتهت من الفصل بعد في الطعن بعدم دستورية الدوائر الانتخابية الخمس.

وبعيدا عن مبررات الحكومة لعدم حل مجلس 2009 حاليا، فإطالة عمر هذا المجلس برأيي لها سببان، الأول سياسي يكمن في رغبة الحكومة في إطالة أمد الوضع الحالي حتى تزول الآثار السياسية الكاملة لمجلس 2012 الذي أبطلته المحكمة الدستورية في 20 يونيو الماضي، وقد تطرأ موانع تبرر عدم خوض عدد من أعضاء كتلة الأغلبية التي تخشاها الحكومة تتمثل في زيادة فرقة أعضائها وتباين آرائهم حول مختلف القضايا، أو أن يصدر القضاء أحكاما سالبة للحرية بحق المتهمين من الأعضاء في قضية اقتحام مجلس الأمة تمنع خوضهم الانتخابات، وقد تزيد تلك الموانع من حظوظ بعض المنافسين لنواب الأغلبية ذوي التوجهات الموالية للحكومة أو المستقلين في طروحاتهم فيكون عنصر الوقت أو الإطالة في صالح الحكومة وليس في صالح الأغلبية النيابية كمجرد تحليل.

أما السبب الآخر للإطالة وعدم حل مجلس 2009 وهو منطقي فيتمثل في عدم معرفة الحكومة لموعد فصل المحكمة الدستورية في طعن عدم دستورية الدوائر الخمس، وإزاء عدم معرفتها فهي لن تستعجل بحل مجلس 2009 حاليا لعدم صلاحيته سياسيا لأنها ستكون ملتزمة بدعوته بعد شهرين إذا لم تعقد الانتخابات، فعدم حله وانتظار حكم «الدستورية» يمثل له استقرارا رغم أثر البطلان على مجلس 2009 الذي سيقرره حكم «الدستورية» لكونه اقيم على نظام الخمس دوائر المطعون عليه بعدم الدستورية، إلا أن الحكومة بإمكانها حل مجلس 2009 قبل صدور حكم المحكمة الدستورية حتى تتجنب آثار البطلان المتوقعة له من حكم المحكمة الدستورية، ثم تصدر بعد حكم «الدستورية» مرسوم ضرورة وتدعو إلى انتخابات جديدة وفق نظام الدائرة الواحدة او تقرر مرسوم ضرورة للعودة بنظام الــ25 أو تقرر العمل بتوزيع المناطق حسب ما هو معمول به في انتخابات المجلس البلدي بنظام الــ10 دوائر.

وأخيرا قدر مجلس 2009 أن يكمل مدته بحكم من المحكمة الدستورية، فتتفق الحكومة والمجلس على عدم انعقاده ويكون قرار رحيله أيضا بعد أن تقرر المحكمة الدستورية، كما يتوقع بعدم دستورية الدوائر، بطلانه فتوصي الحكومة بحله لبطلانه، بحسب ما جاء في حكم الدوائر، ولعدم إمكانية انعقاده، ثم تمكن الحكومة من إصدار مرسوم ضرورة بقانون دوائر جديد تجرى على أثره الانتخابات المقبلة.