أبداً... وزارة الأوقاف لم تخضع للنائب هايف، ولم ترفع علم الاستسلام الأبيض للشيخ هايف، أو زميلنا المحامي أسامة المناور، ومن رافقهما من ركاب القطار الديني المتزمت، مثلما صورت الأمر جريدة الجريدة بالأمس، فوزارة الأوقاف عندما قررت فتح أبواب مساجد السنة تقريباً طوال اليوم مثل مطاعم خدمة ٢٤ ساعة، وإلغاء الرقابة على خطب الجمعة، كرد فعل، لإلحاح الشيخين ومن معهما من نواب الأغلبية في مجلس تورا بورا بفرض الرقابة على الحسينيات ومساجد الشيعة التي لا يتجاوز عددها الثلاثين مسجداً وأقيمت على نفقة الأهالي أنفسهم ومن دون أريحية وهبات الحكومة مثل مساجد السنة، لم تشذ وزارة الأوقاف عن النهج الحكومي المتأصل في عمق وجدان سلطة الحكم بركوب الموجة وليس مواجهتها.

Ad

لا حاجة الآن للكلام عن الحكومة، فالحكومة هي الشيوخ، والشيوخ هم الحكومة، ويعلمنا التاريخ أنهم غير قادرين على المواجهات السياسية (ولا أقصد هنا شكليات الرد على استجوابات معروفة نتائجها مسبقاً) ويفتقدون قدرات الإقناع العقلية، ودائماً يؤثرون سكة السلامة والمشي "تحت الساس" متى هدد أي عوير وزوير بمساءلة الحكومة بالاستجواب أو إغراقها بالأسئلة البرلمانية، أيضاً الأمر في جل المطالبات الشعبوية التي كانت تقضم خاصرة مستقبل الوطن كانت الحكومة (أو الحكومات السابقة طالما أنها كلها حكومات شيوخ أصحاب القرار النهائي، أما بقية الوزراء فهم كمالة عدد) تبصم بالعشرة عليها بعد اعتراضات شكلية واهية.

وفعلت الأمر نفسه في جل المشاريع التي حاصرت حرية المواطن وفرضت علية الرؤية الأحادية للجماعات الدينية الحاكمة بأمر الواقع المهترئ، كانت حكوماتنا تركض خلف مرضاتهم من قانون العزل الجنسي (منع الاختلاط) في الجامعة، وقبله بأكثر من عقد من الزمان حرمت غير المسلم من حق اكتساب الجنسية الكويتية، ثم سارت الأمور تدريجياً بفرض النقاب على الحياة الاجتماعية بكل صورها شيئاً فشيئاً، ونتذكر حروب معارض الكتاب التي أضحت معارض هباب مع استثناء الفترة البسيطة التي كان فيها الراحل الشيخ سعود الناصر وزيراً للإعلام حين وقف صامداً أمام أحزاب الخروع، ودفع الثمن بعد ذلك بخروجه من الوزارة، كان سعود الناصر يملك القدرة على مواجهتهم سياسياً بخطاب العقل والمنطق، تلك القدرة المطلوبة سياسياً افتقدها الكثير من الوزراء من بعده، ولنا ان نتأمل قليلاً اليوم كيف كنا بالأمس، وكيف أصبحنا الآن في ساحات الثقافة والفنون والأدب وهامش الحريات الشخصية!

أبداً وزير الأوقاف لم يتصرف على غير المألوف لسلطة ركوب الموجة، ولم يشذ عن القاعدة، فهنيئاً لنا بحكم "القاعدة" والسائرين بهديها إلى أجل غير معلوم!