المشهد السوري المدخل والمخرج
كما أشرنا في مقال سابق فإن الحاجة إلى حماية المراقبين الدوليين قد أصبحت أساسية لأي خطة أممية للتعامل مع حالة التصعيد المسلح على الأرض. وأن العنف، وعلى الأخص الحكومي، آخذ في التصعيد، وها هي القيادة الميدانية للمراقبين ممثلة في روبرت مود تعلن تعليقها مهامها حتى يتم ضمان عدم تعرض أفراد الطاقم الأممي للأذى. ولئن كان مود مضطراً إلى أن يكون دبلوماسياً بعض الشيء في تصريحه بعدم تركيزه في اتهامه المباشر على سلوكيات النظام السوري، وهو أمر مفهوم في الحالات الدولية الصعبة كالحالة السورية، فإن ذلك لم يمنع النظام السوري ذاته أن يتذاكى كعادته ليعبر عن "تفهمه" لإيقاف المراقبين لمهمتهم عازياً ذلك التوقف إلى عنف المعارضة. لا بأس، سيقدم مود تقريره إلى مجلس الأمن اليوم الاثنين أو غداً الثلاثاء ولن يكون فيه دبلوماسياً حيث سيشرح إحداثيات الواقع على الأرض وهي إحداثيات لن تكون بأي شكل من الأشكال سارة للنظام على الإطلاق. من الواضح أن مجلس الأمن حتى مع المراوغة والممانعة الروسية والصينية، مازال يدور حول نفسه وقد آن الأوان أن يفتح المجال ليشمل خطوات أكثر جدية للضغط على النظام السوري للتوقف عن القتل المبرمج والتشريد المنظم وحتى الاغتصاب المنهجي الذي كشفت عنه منظمة هيومان رايتس ووتش في تقرير أخير لها. وكما أشرت سابقاً فإن مجلس الأمن مطالب الآن بإعلان نهاية خطة أنان واستبدالها بخطة جديدة ثلاثية الأركان بهدف إعلاء سقف الضغط ضمن خارطة طريق واقعية لمخرج نهائي. أول أركان تلك الخطة هو تقوية وجود الأمم المتحدة بقوات حفظ سلام بموجب الفصل السابع وثانيها إحالة ملف الحالة السورية إلى المحكمة الجنائية الدولية خاصة مع تعيين مدع دولي جديد، فإن لم يقم مجلس الأمن بتلك الإحالة فقد تقوم بذلك المدعية الدولية، وثالثها صياغة ترتيبات لنقل السلطة سلمياً بموجب انتخابات يتم الإشراف عليها دولياً. من المؤكد أن معطيات الخطة الجديدة ستجد معارضة وجدلاً حادين، إلا أن ذلك سيظهر قدر الجدية في المجتمع الدولي، كما أن الجميع سيكون في حاجة إلى خطة من هذا النوع في وقت قريب وربما قريب جداً. الأهم من كل هذا هو أن صمود واستمرارية الشعب السوري للحصول على حريته وإنهاء التسلط الذي دام أكثر من أربعة عقود هو نقطة الانطلاق، وأن أي حراك دولي لن يكون إلا عنصراً مساعداً. مهم نعم، لكنه بدون الصمود الشعبي لا قيمة له.