"قال شو عرَّفك أنها كذبة، قال من كبرها"، فـ"المجتهد"، الذي نقلت عنه فضائية "المنار"، التي هي "مجتهدة" أيضاً، نبأ تزويد الأردن لدولة الكويت بـ16 ألفاً من رجال الدرك مقابل ستة مليارات دولار، هو المخابرات الإيرانية بمشاركة المخابرات السورية، والمعروف أنه جرى إنشاء فيلقٍ "إلكتروني"، مع بداية انفجار هذه الأحداث المتلاحقة في سورية، كان قد تحدث عنه الرئيس بشار الأسد نفسه، وكان قد تغنى بإنجازاته وأفعاله، والمؤكد أن هذه الكذبة، التي ليس هناك كذبة أكبر منها، هي من إنجازات هذا الفيلق الذي يتبع ما يسمى فيلق القدس بقيادة الجنرال قاسم سليماني.

Ad

الكويت ليست بحاجة الى استيراد قوة من الخارج كي تتصدى لتظاهرة للمعارضة، ليست هي الأولى، وبالتأكيد فإنها لن تكون الأخيرة، فلديها قوات شرطة أكبر كثيراً مما يتطلبه التصدي لتظاهرة شهدت الكويت مثلها وأكبر منها سابقاً ولاحقاً عشرات التظاهرات، ولديها جيش قوي ووحدات مغاوير كفؤة، ولديها أيضاً النسبة الكبرى من المواطنين الكويتيين الذين باتوا يضيقون ذرعاً بمثل هذه التظاهرات التي يعتبرها بعضهم أعمالاً عبثية ضررها أكثر من نفعها حتى وإن كانت تعتبر شكلاً رئيسياً من أشكال التعبير الحر ومن الممارسة الديمقراطية.

كما أن الأردن قد ينقل إلى الأشقاء الكويتيين وإلى غيرهم من الأشقاء خبرته في التعاطي مع تظاهرات ومسيرات وحراكات أبناء شعبه التي تجاوزت أعدادها على مدى نحو عامين المئات بل الألوف دون إسالة نقطة دمٍ واحدة، أما أن يرسل 16 ألفاً من رجال الدرك إلى الكويت من أجل "قمع" تظاهرة معارضة فإن هذه كذبة كبرى، وذلك لأن هذه القوات بقيت خلال العامين الماضيين تحمي المتظاهرين الأردنيين وتمنع أي محاولات للتصدي لهم. ولهذا فكيف يمكن تصديق افتراء لهذا "الفيلق الإلكتروني"، والذي سارعت فضائية "المنار"، التي تعد إحدى أذرعه، إلى نشرة ترويجية له؟!

إن هذه كذبة بائنة بينونة كبرى، وكان على تلفزيون حسن نصر الله، الذي تحول إلى "غوبلز" آخر في ترويج الأكاذيب والافتراءات ونشر الإشاعات "المفبركة" ألا يذهب به الغباء إلى حدِّ اقحام اسم المدير الأسبق للمخابرات الأردنية سميح البطيخي في هذه المسألة والقول إنه وصل (متى)؟! إلى الكويت حاملاً خطة أمنية لعرضها على الكويتيين، لأن هذا الرجل، الذي يعتبر من أفضل وخيرة مديري المخابرات عربياً ودولياً، كان قد أنهى مهمته وأصبح متقاعداً منذ نحو عشرة أعوام. ثم إن الكويت، التي انصب اهتمامها، بعدما ذاقت مرارة إلغائها كدولة، على أن يكون جهاز استخباراتها بمستوى التحديات التي واجهتها وأصبحت تواجهها لاحقاً، ليست بحاجة الى الاستعانة باستخبارات خارجية ولا بحاجة إلى من يعلمها كيف تتعاطى مع تظاهرة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة بالتأكيد، في دولة حريات عامة وديمقراطية!

وكي تكتمل هذه الكذبة الكبرى فإن هذا "المجتهد"، والمعروف أن "الاجتهاد" هو إحدى المراتب الدينية في إيران الخمينية، قد ذهب إلى أن ما اعتبره "الجزء الآخر من الخطة" هو قانوني "عبر تزويد الكويت بـ100 قاضٍ أردني يعيدون صياغة القانون بما يضمن قمع المعارضة بطريقة دستورية". يا لطيف، هل يحتاج إعداد قانون، أي قانون حتى إن كان جهنمياً، إلى كل هذا العدد من القضاة؟ وهل استخدم الأردن كل هؤلاء عندما وضع القوانين المتعلقة بالتظاهر والمتظاهرين. مع العلم أنه لا يوجد لدى الأردنيين إلا مادة واحدة في قانون أصبح غير نافذ يفرض على كل من يريد تسيير تظاهرة أن يبلغ "الحاكم الإداري" بالأمر كي يؤمّن لتظاهرته الحماية الأمنية من تجاوزات العابثين.