• كيف ترى مسودة الدستور بصفتك ممثل الأزهر الشريف داخل الجمعية التأسيسية؟

Ad

- تعبر عن مجهود رائع بذل بصدق وإخلاص من أجل إقرار دستور يليق بجميع المصريين، والدستور الجديد فيه عدد من المواد الجديدة التي لم تشهدها مصر من قبل، فالمادة الثانية تقر مبدأ المواطنة من خلال الاحتكام إلى مبادئ الدين المسيحي واليهودي في أمورهم الدينية، كما حفظت الكرامة الإنسانية للمرة الأولى في الدساتير المصرية، بل إن الدستور حرص على حفظ كرامة أي إنسان على أرض مصر ولو كان أجنبياً، كما نص الدستور لأول مرة على حرية إصدار الصحف وتكوين الأحزاب والجمعيات والنقابات بمجرد الإخطار، وغيرها من المواد التي ستجعل مصر أفضل.

• لكن البعض لديه اعتراضات على بعض المواد؟

- ومن ليس لديه اعتراضات؟!، أنا شخصياً سجلت اعتراضي على مادة العزل السياسي التي عانيت منها شخصياً مدة عشر سنوات في عصر الرئيس جمال عبدالناصر، خصوصاً أن المواثيق الدولية تعتبر العزل السياسي معيباً، ومع ذلك سأصوت بـ"نعم" على الدستور، فقد لا ترضيك مادة أو أكثر، لكن يظل مجمل الدستور في النهاية جيداً.

• ماذا عن مخاوف البعض من استغلال الدستور لتكوين جماعات الأمر بالمعروف تحت مسمى الحفاظ على الأخلاق؟

- هي مخاوف لا أساس لها من الصحة، فالدستور لا يُقر تأسيس أفراد لهيئة مستقلة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعندما اعترض البعض على صياغة المادة العاشرة التي تنص على: "يحرص المجتمع على الآداب العامة وتقوم الدولة بحمايتها" قمنا بحذفها من مسودة الدستور النهائية حتى لا يساء استخدامها أو تفسيرها من قبل أي جماعة أو فرد، كما أن تفسير مبادئ الشريعة أصبح من اختصاص هيئة كبار العلماء، وهي حامية الوسطية في مصر.

• هذه المادة تحديداً أثارت مخاوف لدى البعض بقولهم إنها تفتح الباب لدولة دينية،. كيف ترد؟

- كان أمامنا ثلاثة احتمالات، إما أن نقر "أحكام الشريعة" أو "الشريعة" أو "مبادئ الشريعة"، فإذا اعتمدنا صيغة الشريعة وأحكامها، فإن ذلك سيعني أن كل الأحكام التفصيلية في كتب الفقه الإسلامي ستكون هي مصادر التشريع، وهذا يتضمن الحدود، فقلنا نحن في الأزهر إن الدين الإسلامي والتشريع قائم على التدرج، ورسول الله يقول خاطبوا الناس بما يعقلون أتريدون أن يكذب الله ورسوله.

وقد رأينا أن الأخذ بأحكام الحدود لا يناسب المجتمع المصري الآن في مرحلته الحالية، لذلك اكتفينا بما هو موجود في دستور 1971، بالنص على مبادئ الشريعة الإسلامية وهي تشمل أدلتها الكلية وهي القرآن والسنة والإجماع والقياس، وقواعدها الأصولية والفقهية وفقاً لعلم أصول الفقه، ومن يعرف هذه الأمور هم رجال هيئة كبار العلماء في الأزهر، الذين نأخذ رأيهم في مثل هذه الأمور ورأيهم ليس إلزامياً، وهو وضع معمول به في القضاء المصري حالياً، ففي حالة الإعدام يؤخذ رأي المفتي في حكم الإعدام، وفي جميع الحالات لا يخالف القاضي رأي المفتي، لأن القواعد واحدة، أما الإضافة الأخيرة في المادة 219 فهي "مصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة" لا تضيف جديداً من ناحية التشريع، فمصادرها المعتبرة هي أدلتها الكلية، ولكنها وضعت لمواجهة التشيّع، الذي بدأ يشق نسيج المجتمع المصري من خلال الحسينيات، فقيل إن الأفضل حصر الأدلة الكلية بما هو موجود في مذاهب أهل السنة والجماعة، فالتصويت بـ"نعم" يمنع التشيّع في مصر.

• ما رأيك في اتهامات البعض للأزهر بعدم الحيادية في الأزمة التي تمر بها البلاد؟

- الأزهر لم يقصر، فمعلوم أنه منذ بدأت الثورة وقف معها، ويكفي أن أدبيات الثورة عندما تكتب سيكون لوثائق الأزهر الخمس الخاصة بمدنية الدولة وحقوق المواطنة والمرأة، كما أن الأزهر لعب دوراً في رأب الصدع مرات عديدة بين القوى السياسية على العديد من الأمور الخلافية. وشيخ الأزهر اتصل بالمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين د. محمد بديع وطالبه بالتهدئة وعدم الاحتكاك وعدم تمكين أي جهة بزيادة الاحتقان أو وضع المزيد من الزيت على النار. ووعده المرشد بالأخذ برأيه، مطالباً شيخ الأزهر بإقناع بقية القوى السياسية بالتهدئة، واستأذن المرشد شيخ الأزهر في أن تقام صلاة الجنازة داخل الجامع الأزهر، على من مات في أحداث "الاتحادية"، واعتبرتهم الجماعة شهداءها، وهو ما وافق عليه الإمام الأكبر.