نزيه عادل شامخ
من المؤسف والمحزن أن نجد أن من هدد القضاء والقضاة قبيل صدور حكم المحكمة الدستورية هم من صفق وانشرح للنتيجة وبشكل يوحي بأن ضغطهم وتهديدهم أجبرا القضاة على إصدار الحكم الذي قرأناه جميعاً، وهو تصرف ينم عن عدم فهم للوقار الذي يجب أن يتحلى به السياسي المحنك.
أول العمود:«البدون» يدخلون عصر الألوان!***عنوان المقال يوحي وكأنه اسم لوزير في إحدى حكومات البعث في العراق زمن الدكتاتور صدام حسين، لكنه ليس كذلك، بل هو مجموعة من الأوصاف يطلقها من نعتبرهم بالحكماء وأهل المعرفة عوضاً عن ساسة رخيصي الثمن في هذا الزمان على حكم قضائي نرسمه في مخيلتنا فنصف مرفق القضاء بأنه: قضاء نزيه... عادل... شامخ. ربما كانت من المظاهر الأسوأ على الإطلاق السهام التي طالت القضاء في الآونة الأخيرة، بمن قاد التجمعات وابتدع عادة افتراش الساحات المقابلة للمؤسسات العدلية ومطالبة هيئاتها القضائية بنوع محدد من الأحكام!! أو بمن هدد القضاء صراحة أو مواربة إن كان القرار في قضية الدوائر الانتخابية سيتجه إلى (نوع) من الحكم الذي لا يشتهيه مجتمعون في ساحة.يجب أن نكون صرحاء بالقول إن هذا النهج ما هو إلا أسلوب تخريبي لأنه يستهتر بسلطة أساسية تعتمد عليها الدول والشعوب كملاذ أخير إن كان الفساد قد قضى على السلطتين التشريعية والتنفيذية، كما يُعد أيضاً تدخلاً فجاً وصارخاً في عمل القضاة والسلطات التي يتمتعون بها.من المؤسف والمحزن أن نجد أن من هدد القضاء والقضاة قبيل صدور حكم المحكمة الدستورية هم من صفق وانشرح للنتيجة وبشكل يوحي بأن ضغطهم وتهديدهم أجبرا القضاة على إصدار الحكم الذي قرأناه جميعاً، وهو تصرف ينم عن عدم فهم للوقار الذي يجب أن يتحلى به السياسي المحنك، وهو عدم ذم الأحكام القضائية أو مدحها، إذ ليس من المطلوب أو المحبذ أن نكيل التهديد للهيئة القضائية قبيل البت في موضوع منظور أمامها، وبالمثل يعد عملاً صفيقا أن نقول إن حكماً قضائياً جاء متوائماً ومسايراً لضغوطنا في الشارع.انتهينا للتو من الحكم في قضية الدوائر وحصل ما ينهانا رجال القانون عنه بشأن التعليق على الأحكام بالمدح أو القدح، فماذا عساه أن يكون موقف هواة التعليق على الأحكام القضائية من قضية اقتحام مجلس الأمة المرتقبة؟الشارع وما دار فيه من أحداث جاء ببدع لم نعتد عليها في العملية السياسية كالمكابرة والعناد والشتائم والمطالبات الاعتباطية والشعارات غير المدروسة، ومن الخطورة امتداد مثل هذه المظاهر دون ردع من القوى الواعية والناضجة، فالسكوت عنها بحجة تفردها في الساحة السياسية سيجلب الخراب لهذا البلد الذي لا يستحق ما يجري له وفيه.نسأل الله السلامة.