هذه المرة وربما هي الأولى في تاريخ الكويت، ستكون انتخابات مجلس 2012 (مكرر) هي أول انتخابات سياسية تقوم على مبدأ المشاركة أو المقاطعة، وأول انتخابات سيتم فيها التصويت بطريقة غير مباشرة على مرسوم الصوت الواحد في عملية أقرب ما تكون إلى الاستفتاء الشعبي.

Ad

الناخب الكويتي في الأول من ديسمبر لن تتبدل معاييره في اختيار "ممثله" في البرلمان عن الانتخابات الفائتة أو ما قبلها، بل ربما ستتعزز كل المعايير الشخصانية في الاختيار مثل التصويت للصديق والأخ وابن العم والنسيب وأصحاب المكارم؛ لأن الاختيار لمرشح واحد فقط لا غير.

 الشيء الجديد هذه المرة والذي سميته "انتخابات سياسية" هو أن من يريد التصويت لن يكون مغيباً عن أجواء البرتقالي والأزرق، مع المشاركة وضدها، ضد الانفراد بتغيير قواعد التصويت بعيداً عن إرادة الأمة ومع موشحات السمع والطاعة، بل حتى الناخب "المدوده" سيكتشف أمام ورقة التصويت أنه أمام خيار التصويت لمرشح واحد وليس مثل آخر مرة "يشخط" أربعة أصوات.

وفق هذا المعيار، وهو المشاركة بغض النظر عن اسم المرشح أو المقاطعة بغض النظر عن الأسباب، ستكون الانتخابات القادمة سياسية من الدرجة الأولى، وسيتم التصويت فيها على مرسوم الأمر الواقع، فإن نجح المقاطعون وأنا أولهم في تخفيض نسبة المشاركة إلى الحدود الدنيا أصبح لزاماً على السلطة مراجعة نفسها وبحث الطرق الكفيلة لفك العزلة الشعبية من حولها؛ لأن الكويت ليست الدائرة الأولى فقط، وليست مجموعة من الدواوين المبرمجة لإعادة إنتاج خطاب السلطة نفسها.

الاحتمال الثاني وهو زيادة نسبة التصويت في الانتخابات أو ثباتها مقارنة بالانتخابات ما يعني حتماً انتصار معسكر المشاركة والسمع والطاعة "مرحلياً"، ويصبح لزاماً على "الرشيدة" حكومتنا التي ستمتلك زمام القرار داخل مجلس الأمة بصورة استثنائية تحقيق كل مشاريع التنمية، وحل جميع الملفات العالقة بمفردها، ولا حجة لها بأن مجلس الأمة "يعرقل" مسيرة التنمية! في هذه الأجواء المشحونة، يهمني التركيز على بعض النقاط التي يحتدم الصراع حولها: أولها أن من يريد المشاركة في الانتخابات القادمة ترشحاً أو تصويتاً ليس خائناً للوطن، ومن يريد المقاطعة ليس بالضرورة يريد الانقلاب على الحكم، الجميع هنا بما فيهم السلطة لديه خياراته وعليه تحمل النتائج، وعند هذا الحد نتوقف ولا نواصل "مراهقة" التصعيد الذي يفوق حجم "ديرتنا" الصغيرة، ولا ننسى أن حكومتنا وزرت وقربت ألمع معارضيها، ولا ننسى أن معارضتنا مجّدت وسوّقت "ألعن" شتاميها، "كفاية إرهاق ومراهقة".

من المهم صنع ساحة إرادة جديدة أو ساحات عدة، لكسر ما فرضته وزارة الداخلية من قيود على حرية التعبير عندما حددت للشعب ساحة الإرادة الحالية مكاناً وحيداً لممارسة حق الاحتجاج السلمي، ولتوفير بديل ثانٍ يستوعب الحشود الجماهيرية وقت الحاجة بدلا من التصادم مع قوات الأمن في مسيرات يصعب السيطرة على حركتها.

وفي الختام، فإن شعار "المقاطعة" بالصورة التي طرح فيها وتجاوب معه الكثيرون أغلق باب النقاش حول أسئلة كثيرة مثل: هل ستكون المقاطعة دائمة؟ ماذا عن خيار الورقة البيضاء أو "إبطال" ورقة التصويت بعبارة موحدة "خمسة بأربعة"؟ هل أسلوب الضغط المتواصل هو الأسلوب الوحيد في التعامل مع السلطة؟... الأسئلة كثيرة والحديث عن ملامح المرحلة القادمة وطرق التعامل معها يحتاج إلى الاستفادة من كل الخبرات المتوافرة.