صحة الفرد هي "أغلى ما يملك"، هذه قاعدة معروفة عالمياً، أما في البلدان الفقيرة فالقاعدة ليست كذلك، بل تصبح "قوت الفرد اليومي هو أغلى ما يملك"، ومع أن العراق يعتبر من الدول الغنية بل الغنية جداً، فإنه يندرج ضمن قاعدة "دول غنية وشعوب فقيرة"، لذا فالنسبة الأكبر في العراق هي من طبقة الفقراء، بل بعضها تحت خط الفقر، والسبب هو الأنظمة السياسية المتعاقبة التي تنهب خيرات البلاد وتتفرغ للمحافظة على الكرسي، مهملة البنية التحتية الصحية للمواطنين، تاركة الشعب غارقاً في فقره، وهمه اليومي في كيفية تأمين قوته.

Ad

 ومع مرور الزمن ومرور البلاد بحروب داخلية وخارجية، مما زاد أهله بالبؤس والشقاء وتسجيل نسب كبيرة ومفزعة من الأمراض الخطيرة، نتيجة سياسات الحكومات الاستبدادية التي تعاقبت على حكمه، وسلسلة الحروب الداخلية والخارجية منها، سجل العراق نسباً عالية جداً في أخطر الأمراض وأعتاها، وهو مرض السرطان بجميع أشكاله، وأهم ما في الموضوع أن السرطان، وغيره من الأمراض المزمنة، لا يصيب إلا المناطق الفقيرة ويعصف بأهلها، والتي تشكل النسبة الأكبر في العراق.

ويعتبر السرطان الرئوي أكثر أنواع الأورام شيوعاً بين المصابين، وخاصة في فئة الذكور وبين الفئة العمرية حول 45 عاماً، أما الإناث فسرطان الرحم هو الأكثر شيوعاً بينهن، وبمعدلات مرتفعة جداً.

وسجلت محافظات عراقية عدة، لا سيما الحدودية التي شهدت معارك خلال السنوات ما بين 1991- 2003، زيادة في معدل الإصابة بالأمراض السرطانية، أبرزها سرطان الثدي، ومن تلك المحافظات البصرة التي دفع أهلها ثمناً باهظاً من رعونة الأنظمة التي مرت على العراق، لا سيما نظام البعث ورئيسه المقبور صدام حسين.

كذلك لم ينجُ الأطفال من السرطانات بأنواعها، حيث يوجد العديد منهم مصاباً بسرطانات الدم، والرئة والجلد وغيرها.

ولأن الفقراء لا يملكون مالاً لعلاج مصابيهم فإنهم يسلمون أمرهم إلى رب العالمين حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، بينما الطبقة الغنية من العراقيين لا تنتظر العلاج في بلادها، بل تسافر إلى دول تتميز بوجود مصحات ومشاف ذات مستوى عال جداً من التطور ليتم علاجها هناك.

هذا بالنسبة للأمراض السرطانية، أما بالنسبة للأمراض المزمنة فحالها كحال السرطانات، حيث تتفشى دائماً في المناطق ذات الفقر المدقع، وتنقض على فريستها لتنهي حياته من خلال الموت البطيء، ومن تلك الأمراض السل، والالتهابات المعوية المزمنة، والأمراض الجلدية المزمنة، ويرجع بعض الباحثين ذلك إلى الجهل والفقر وعدم وجود مناخ صحي سليم في تلك المناطق، وبالتالي فإن الفقراء فقط هم من يمرضون في العراق دون غيرهم.