شهدت مواعيد عرض الأفلام في «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» ارتباكاً وتعديلا مراراً، رغم إعلان إدارة المهرجان الجدول الخاص بالمواعيد في صيغته النهائية قبل يوم من حفلة الافتتاح، بالإضافة إلى غياب الضيوف عن الندوات التي عقدت بعد العرض رغم التنسيق المسبق معهم. مثلاً أدرج «عن النفط والرمال» في جدول المهرجان النهائي رغم انسحاب مخرجه من المسابقة العربية قبل يومين من انطلاقه، اعتراضاً على الإجراءات الأمنية ضد المتظاهرين، ولم يُعلن عن إلغاء الفيلم إلا بعد مرور يومين على فعاليات المهرجان.

Ad

كذلك تم تعديل موعد الندوة الخاصة بالفيلم المصري «مصور قتيل» قبل يوم من موعدها، لتكون مع العرض المسائي وليس الصباحي كما كان مقرراً. كذلك تكرر الأمر نفسه مع «مملكة النمل»، إذ كان مقرراً إقامة الندوة الخاصة به بعد العرض الصباحي، لكن وصول بطلة الفيلم صبا مبارك من الأردن مرهقة دفع إدارة المهرجان إلى تأجيل الندوة إلى العرض المسائي، ذلك قبل يوم من موعد عرض الفيلم ومن دون الإعلان عن ذلك.

فشلت إدارة المهرجان أيضاً في الحصول على تصريحات أمنية لفريق عمل  الأفلام الإيرانية المشاركة في المهرجان، ما دفعها إلى إلغاء الندوات المرافقة لها لغياب صانعيها.

كانت المطبوعات الخاصة بالمهرجان مثار جدل، إذ لم يتسلم الصحافيون كتيبات بحجة قلة عددها، فيما نجح البعض «المحظوظ» في الحصول عليها. هنا لا بد من التساؤل عن جدوى طباعتها ما دامت لن توزع للجميع.

في المقابل، سبب إصرار إدارة المهرجان على إقامة العروض في دار الأوبرا المصرية مشاكل جمة، نظراً إلى الانضباط  الشديد الذي تتسم به، إذ منع جهاز الأمن مخرج الفيلم البولندي «موسم السنة الخامسة» جيرزي دومارادزكي من الدخول إلى الصالة لمشاهدة العرض الأول لفيلمه بسبب  وصوله متأخراً بعد بداية العرض، فظل واقفاً أمام باب القاعة لنحو 20 دقيقة، قبل أن يتمكن من الدخول بعد اتصالات مع منظمي المهرجان.

مقاطعات وغضب

عقدت هذه الدورة وسط دعوات للمقاطعة أطلقها سينمائيون شباب، ما يفسر سبب غياب فريق عمل «الشتا اللي فات» عن ندوة مناقشة الفيلم، ولم يحضرها إلا الممثل والشريك الإنتاجي في الفيلم صلاح حنفي متأخراً، فيما غاب مخرجه إبراهيم البطوط وبطلاه عمرو واكد وفرح يوسف، ما اضطر الناقد رفيق الصبان إلى إدارة الندوة لأكثر من نصف الوقت بمفرده، موجهاً انتقادات حادة إلى فريق العمل لعدم اعتذاره، وحذا حذوه الحضور الذين قاطعوا الندوة رداً على عدم احترام صانعيه لهم.

أما ندوة فيلم «مصور قتيل» فشهدت انسحاب كل من درة وعمر السعيد فور انتهاء العرض، وقد فوجئ مخرجه كريم العدل ومؤلفه عمرو سلامة وبطله إياد نصار بعدم حضور درّة وعمر السعيد الندوة أو حتى تقديم اعتذار للجمهور عن انسحابهما المفاجئ، الذي برراه لاحقاً بارتباطهما بمواعيد أخرى.

بدوره، أغضب سوء التنظيم الذي رافق الندوة والتسجيل مع المحطات الفضائية فريق عمل «مملكة النمل» فانسحب أعضاؤه، ما دفع مسؤولي المركز الإعلامي إلى احتواء الموقف والاعتذار لهم. كذلك فوجئ جمهور المهرجان ببدء عرض فيلم «تاكسي البلد» قبل دخوله إلى القاعات وقبل الموعد المحدد سلفاً في الجدول، ما أحدث إرباكاً.

في هذا السياق، ذكر بطل الفيلم أنه كان أحد أعضاء ورشة العمل التي تولت مهمة كتابته، واعتبره تجربة خاصة بالنسبة إليه، ليس لكونها المرة الأولى التي يصوّر فيها عملاً يكتب هو السيناريو الخاص به، إنما لاعتماده على الحوار الارتجالي في غالبية المشاهد، لافتاً إلى أن صيغة المشاهد النهائية استغرقت وقتاً طويلاً للوصول إليها.

المحطة الأخيرة

أثار الفيلم البرازيلي «المحطة الأخيرة» جدلاً بسبب أحد مشاهده التي يظهر فيها بطل الفيلم طارق ينبش قبر زوجته لإخراج جثمانها وغسله على الطريقة الإسلامية. وقد اعترف مخرج الفيلم مارسيو كوري بأن المشايخ رفضوا تقديم المشهد ضمن أحداث الفيلم، على اعتبار أنه لا يجوز شرعاً للرجل غسل المرأه. لكن شيخاً فلسطينياً أجاز له تقديمه، لا سيما أن السياق الذي قدم فيه المشهد مختلف بسبب طبيعة المجتمع البرازيلي الذي تدور فيه الأحداث.

وتحدث المخرج الأذربيجاني فاهيد مصطفييف خلال ندوة فيلمه «خوجا» مؤكداً أن عمله كمراسل حربي جعله يفكر في تقديم المآسي التي تقع في الحروب، خصوصاً أن ملابسه تكون ملطخة بالدماء وتعرضه لمواقف صعبة على المستوى الإنساني.

وأشار إلى أنه لم يتطرق إلى الجانب السياسي في الحرب لرغبته في التركيز على العنصر البشري وقصص الحب بعيداً عن الملابسات السياسية، لافتاً إلى أنه أراد إيصال رسالته إلى العالم كله كي يشعر الجميع بالمعاناة التي يعيشها الناس في الحروب والدمار الذي يلحق بهم.

أقيمت على هامش المهرجان ندوة لأفلام السينما الجزائرية بمناسبة مرور 50 عاماً على استقلال الجزائر، وعرض «سينمائيو الحرية» الذي يعبر عن واقع المجتمع الجزائري في تلك الفترة، برأي الناقد السينمائي محمد بن صالح، ويكشف الوضع الحقيقي الذي أراد المستعمر الفرنسي تزويره من خلال السينما، ونقل واقع مخالف للحقيقة.

وضمن قسم أفلام التسامح عرض فيلم «الرسالة» بحضور المنتج مالك العقاد، الذي أكد أن النسختين العربية والإنكليزية نجحتا في إيصال رسالة الإسلام السمحة إلى العالم، موضحاً أنه لم يكن يميل إلى النسخة العربية في البداية، لكن مع مرور الوقت وجد الأمر مختلفاً بعدما أوصلت الرسالة سريعاً إلى المشاهد العربي وبشكل تفاعلي.

أخيراً وعلى هامش المهرجان، أقيم سوق للفيلم السينمائي بمشاركة سبع  دول من بينها مصر والكويت وبريطانيا، وثماني شركات إنتاج سينمائية. كذلك نظمت ندوة حول الصعوبات التي تواجه السينما الأفريقية وتمنعها من الوصول إلى العالمية. ورغم الاهتمام المصري بالسينما الأفريقية في الفترة الأخيرة، إلا أن الندوة لم تشهد حضوراً مصرياً كثيفاً وانسحب منها الفنان محمود قابيل مبكراً متوجهاً إلى ميدان التحرير للمشاركة في التظاهرات.