إن السؤال الذي من المفترض أن يجيب عنه الخبراء الدستوريون، خاصة الذين مهدوا طريق الحكومة، ورتبوا لها عملية الطعن لدى المحكمة الدستورية هو: أليس الفراغ الدستوري الذي يعانيه البلد هو تعطيل متعمد للمؤسسات الدستورية وتجاوز للدستور؟

Ad

بعد حكم المحكمة الدستورية المُبطِل لمجلس 2012 نتيجة لخطأ إجرائي في مرسوم حل مجلس 2009 قال وزير الإعلام في مؤتمر صحافي "أحببت أن أطمئن الناس أن إجراءات تصحيح الخطأ الإجرائي ستستغرق أياما وليس أسابيع"! ولم يتطرق آنذاك لموضوع طعن الحكومة بالنظام الانتخابي، بل صرح لاحقا بأنه لا تعديل للدوائر الانتخابية.

وها نحن ندخل في الشهر الثالث بعد حكم المحكمة الدستورية في 20 يونيو 2012 ولم يتم إصلاح الخطأ الإجرائي الذي استند إليه حكم المحكمة الدستورية، بل على عكس تصريح الحكومة سابقا بأنه لا تعديل للدوائر الانتخابية، فقد "اكتشفت فجأة"! أن النظام الانتخابي الذي تقدمت به عام 2006 وأُجريت على أساسه ثلاثة انتخابات عامة تشوبه شبهة عدم الدستورية، ما تطلب تقديم طعن حكومي بعدم الدستورية مثير للجدل السياسي والقانوني.

وهذا معناه ليس انفراد الحكومة بقرار تعديل الدوائر وآلية التصويت بعد حكم "الدستورية" فحسب، وهو ما يعد تجاوزا للدستور، بل أيضا بقاء البلد في فراغ دستوري منذ 20 يونيو الماضي إلى الدرجة التي تعذر معها إقرار الميزانية العامة للدولة رغم دخولنا في الربع الثاني من السنة المالية! ولا أحد باستطاعته توقع متى سينتهي أو إلى أين سيقودنا هذا الفراغ الدستوري الذي قد يمتد لأشهر طويلة قادمة؟

وإذا ما أضفنا إلى ذلك الأوضاع الإقليمية غير المستقرة والقابلة للانفجار في أي لحظة، خاصة بعد تزايد احتمالات نشوب حرب جديدة في المنطقة والمتغيرات الجذرية والسريعة التي ستترتب على تداعيات الربيع العربي والوضع السوري، ناهيكم عن حدة الصراع الإقليمي والدولي في منطقة الشرق الأوسط، وما سينتج عنه من ترتيبات سياسية ومستقبلية جديدة فإن الفراغ الدستوري الذي نعانيه يعني أن الشعب لن يكون له دور البتة في أي قرار يتعلق بدور الكويت في الترتيبات السياسية الخاصة بالمنطقة، وهو الأمر الذي يتعارض بشكل واضح مع الدستور، بل يذكّرنا بالفترة غير الدستورية والمضطربة سياسيا التي سبقت الغزو العراقي الغاشم لوطننا عندما انفردت الحكومة بالقرار السياسي، وحلت الكارثة لأنه من المعروف أن استقرار الجبهة الداخلية ينعكس إيجاباً على قوة واستقرار الجبهة الخارجية والعكس صحيح تماماً.

لكل ما سبق فإن السؤال الذي من المفترض أن يجيب عنه الخبراء الدستوريون، خاصة الذين مهدوا طريق الحكومة، ورتبوا لها عملية الطعن لدى المحكمة الدستورية هو: أليس الفراغ الدستوري الذي يعانيه البلد هو تعطيل متعمد للمؤسسات الدستورية وتجاوز للدستور؟