الإضراب الجنسي

نشر في 02-09-2012
آخر تحديث 02-09-2012 | 00:01
 ناصر الظفيري قد يبدو الحدث بالنسبة إلى الكثيرين مزحة، ولكنه في الواقع دور مهم من أدوار الحركات النسائية في العمل على تغيير واقع اجتماعي، حيث تستخدم المرأة علاقتها الجسدية مع الرجل في تحقيق هذا التغيير. تعتمد الناشطات في حركات السلام على الامتناع عن الالتقاء بأزواجهن وحرمانهم من العلاقة الجنسية حتى تتحقق مطالبهن، وهي في الغالب مطالب تدعو إلى السلام وإيقاف الحروب أو تحقيق مكاسب سياسية. وسياسة الإضراب الجنسي أثبتت فاعليتها في كثير من الحالات، وفي مجموعة من الدول التى شهدت اضطرابات سياسية وحروباً أهلية استطاع هذا الإضراب العمل على إيقافها.

فكرة الإضراب الجنسي ليست وليدة الحاضر أو نتاج نمو الحركات النسوية في العالم، وقد طرحها المسرحي اليوناني الساخر ارستوفان في مسرحية بعنوان "ليزيستراتا". تحاول بطلة المسرحية التي تحمل ذات الاسم إقناع النساء بحرمان الرجال من أجسادهن لإيقاف الحرب الطاحنة بين أثينا وأسبرطة.

الحركة التي تقوم بها هذا الأسبوع نساء توغو في محاولة لإقناع الأزواج بالدخول في الحراك السياسي لإسقاط حكم عائلة غناسينغبي التي حكمت توغو لأكثر من أربعة عقود حيث خلف الابن فور غناسينغبي والده ايديما. قررت الحركة النسائية أن تهجر النساء شركاءهن لمدة أسبوع حتى يعملوا على التصويت ضد الرئيس وإسقاط حزبه الحاكم. تسعى النسوة إلى تحقيق أكثر من هدف، وربما أهم الأهداف من نجاح الإضراب هو إطلاق سراح الأبناء من السجون وإلقاء الضوء إعلامياً على أهداف الحركة.

كان الملهم الأول لحركة نساء توغو هو نجاح حركة مماثلة في ليبيريا عام 2003 حين قادت الناشطة ليما غبوي نساء ليبيريا إلى إضراب جنسي لإيقاف الحرب الأهلية التي استمرت أربعة عشر عاماً، وتم انتخاب السيدة ألين جونسون سيريف كأول رئيسة منتخبة في إفريقيا، وقد فازت مشاركة مع السيدة غبوي والعربية توكل كرمان بجائزة نوبل للسلام عام 2011.

لم تقتصر حركة الإضراب الجنسي على العناوين الكبيرة والأهداف السياسية، ولكنها استخدمت لأهداف أقل شأناً مثل حركة نساء إيطاليا في الحد من الأخطار الناجمة عن الألعاب النارية في رأس سنة 2008 واستخدم الإضراب الجنسي عام 2011 في الفلبين لإيقاف القتال بين قريتين. ونجح في كولومبيا للحد من عنف عصابات مافيا المخدرات التي قتلت المئات من أبناء كولومبيا واغتصاب مجاميع من النساء.

الملاحظ أن الحركة النسوية تحقق أهدافها من هذه الإضرابات الجنسية في الدول الفقيرة لانعدام وسائل أخرى يمكن استخدامها في التعبير ومناهضة الحروب الأهلية. وفي الدول الفقيرة أيضاً تكون المرأة وأطفالها هم الأهداف السهلة وأكثر أعداد الضحايا في الحروب الأهلية والثروات هم النساء والأطفال حين تنعدم أخلاق المقاتلين ويفتقدون للشجاعة الحقيقية. وهم وسيلة الضغط الأولى على الرجل للتنازل أو الاستسلام كما يحدث في الانتقام اللاأخلاقي في سورية الآن.

لم يكن الهدف من حركة الإضرابات الجنسية هو الصراع مع الرجل الزوج، ولكنها رسالة الى أطراف النزاع بأن الذين يدفعون ثمن هذا النزاع هم الأطفال والنساء. وهي وسيلة يبدو أنها تنجح حتى الآن في دفع الرجل نحو العمل على تحقيق ما هو مطلوب منه تجاه مجتمعه الذي ينتمي إليه. وبالتأكيد هو عمل سيضاف إلى رصيد أدبيات الحركة النسوية في المستقبل، وربما انتشر في أماكن أخرى تتشابه مع ظروف الدول التي ذكرناها.

back to top