لماذا اخترت «صباح الخير يا مصر» عنواناً للفيلم؟

Ad

أردت من خلاله بث روح التفاؤل على المشاهدين بأن ثمة صباحاً مليئاً بالخير سيأتي على الشعب المصري كله، وإن كنت أفضل أن يكون اسمه «سلمية»، لأني رأيت الثوار يحاولون تفادي الاصطدام بقدر المستطاع مستعينين بإرادة التغيير، وأردت أن أؤكد أن اتهامهم بأنهم بلطجية كانت في حوزتهم أسلحة أو ارتكبوا أعمالاً تخريبية ادعاء ليس له أي أساس من الصحة. لكن فريق العمل أجمع على أن الاسم الأول أكثر جذباً للجمهور.

كيف جاءت لك فكرته؟

كنت في البداية أريد تصوير مقتطفات من الثورة المصرية والتونسية ومزجهما معاً، لكن اقترحت عليّ إحدى صديقاتي الاكتفاء بتصوير أحداث مصر ثم السفر إلى تونس، وعرض كل منهما بشكل منفرد.

لماذا اخترت يوم 28 يناير ليكون موضوعاً لفيلمك؟

صوّرت 18 يوماً من الثورة في 26 ساعة، لكني اكتفيت بهذا اليوم لأنه في رأيي نقطة انطلاقة الثورة المصرية، فلا أحد يستطيع ذكر هذا الحدث من دون التوقف عنده، وباقي المادة سأستغلها في أعمال فنية مقبلة. المهم أن نتذكر كيف كانت البداية وماذا كان شعورنا وقتها ومن كان عدونا.

يكون السيناريو عادة في الأفلام الوثائقية مكتوباً، إلى أي مدى تمكنت من العمل في ظل غيابه؟

كان الأمر صعباً، خصوصاً أنني لا أعلم الخطوات المقبلة، فأذهب يومياً إلى مواقع مختلفة ولا أدري النهاية. لكني أعتقد أن هذا الأمر قد أضفى عفوية وتلقائية على العمل.

كيف استطعت الانتقال من مكان إلى آخر للتصوير؟

كنت على علاقة ببعض الشباب الذين ينزلون إلى الميدان يومياً فيأخذونني معهم، لكن بعد انقطاع شبكات المحمول فقدنا بعضنا، ولحسن الحظ قابلت سائق تاكسي وطنياً ساعدني في الذهاب إلى الأماكن التي سمعت من الناس بأنها مليئة بالتظاهرات.

لماذا صورت داخل مكتب قناة «الجزيرة»؟

لأنني كنت أسمع من بعض الثوار أن هذه القناة تعمل ليلاً نهاراً ضد مصلحة البلد، فرغبت في دخولها للتعرف إلى الأجواء فيها وعندما ذهبت إليهم رحبوا بي وشاهدت معهم أحد بيانات الرئاسة وسجلت ذلك وعرضته ضمن أحداث الفيلم.

ما أكثر شيء أثر فيك أثناء التصوير؟

شعارات المصريين، تحديدا «يا عسكري قول الحق أنت مصري ولا لاء»، بمعنى أنا مصري مثلك لا أريد الاصطدام بك ولكنني فقط أريد حقي، وهذا ما يبين تحضر المواطن المصري وجبروت السُلطة. كذلك تأثرت بالأطفال الذين كانوا يصابون ويعودون مجدداً إلى ميدان التحرير، ولا أنسى الشاب الذي أعطاني «خرطوشة» منتهية الصلاحية قائلاً: ألهذا الحد المواطن المصري رخيص.

كيف كان شعورك كجزائرية توثق الثورة المصرية؟

وسط الأحداث الملتهبة، ينسى الفرد من هو وما جنسيته ومن أين أتى وماذا يفعل في حياته، فقد وجدت أفراداً لهم حقوق وحريات لم يحصلوا عليها ويريدونها. هنا دفعتني عاطفتي نحو المشاركة الإيجابية، فضلاً عن أنه لا خلاف على أن مصر ساعدت العرب كلهم في تشكيل خيالهم بثقافتها وفنها، وهذا أمر يُشعرهم بأنهم جزء منها، لذا يشرفني توثيق الثورة المصرية.

هل خطر في بالك أثناء التصوير أنك تسجلين حدثاً مهماً في تاريخ مصر؟

كنت متأكدة من ذلك لأنني رأيت في عيون نساء ورجال حلماً بالتغيير تقوده إرادة مصرية، والآن أيضاً ليس لدي أي شك في أننا سنصل إلى ما نريد، وأقول نحن لأنني اعتبر ذاتي مصرية، وأرى أن «صباح الخير يا مصر» أعطاني الشرعية المصرية، لذا كثيراً ما أنزل إلى الميدان وأشارك في التظاهرات لأعبر عن رأيي.

ما الصعوبات التي واجهتِها خلال التصوير؟

محاولة بعض الأشخاص منعي من التصوير لمعرفة الجهة التي تمولني، كذلك القنابل المسيلة للدموع التي كانت تمنعني من الرؤية.

عُرض الفيلم في أكثر من دولة عربية، ما الاختلاف بين ردود الأفعال المصرية والعربية؟

وجدت في الخارج انبهارا بالجانب السلمي، فمنذ عام 2001 أصبح معروفاً أن المسلم عنيف. ولكن عندما شاهدوا مشهد رش المتظاهرين بالمياه أثناء صلاتهم اندهشوا من هذا الظلم، وأظن أنها إحدى أفضل الصور التي أهدتها مصر للأمة الإسلامية، خصوصاً ونحن نعيش عصر حرب الصورة، فهي مشهد سينمائي جميل ومتكامل إلى أقصى درجة؛ صلاة على كوبري أسفله النيل وفوقه حمام يطير، بل إنه إذا عُرض ضمن أحداث فيلم سينمائي لأنصرف عنه المشاهدون بحجة مبالغته. عندما شاهدت هذا الحدث مباشرة رددت: «سبحانك... سبحانك». لا يستطيع أي مخرج عرض ذلك إلا ربنا المخرج الكبير.

هل تتوقعين نجاحه جماهيرياً إذا تم عرضه في السينما؟

لا؛ لأن الجمهور في الوقت الحالي غير مؤهل نفسياً لمشاهدة ما يعيشه في الشارع المصري في قاعات السينما. لكن أعتقد أنه بعدما تهدأ الأوضاع يمكن أن يحدث هذا الإقبال ليتذكر الناس الأحداث، وهو يفيد المصريين المقيمين في الخارج. فعندما عرضته على المصريين الموجودين في الجزائر والذين تابعوا الثورة فقط عبر النشرات الإخبارية، خرجوا متأثرين وقالوا لي إنهم شعروا كما لو كانوا عاشوا هذه الثورة.

هل هذه هي التجربة الإخراجية الأولى لك؟

هي الأولى في أفلام الحروب، لكن سبق وقدمت أعمالاً سينمائية كثيرة، من بينها بورتريه عن المخرج العالمي يوسف شاهين وآخر عن الفنانة الراحلة وردة لأنهما كانا همزة الوصل بين البلدين الجزائر ومصر. كذلك قدمت أعمالاً تلفزيونية من بينها تجربة «سيت كوم». إلا أن هذا الفيلم هو اختياري ونابع عن رغبة شخصية في التوثيق، بغض النظر عن توقيت عرضه والعائد من ورائه، فالأهم هو أن يكون في تاريخي الفني تقديمي له.