الأحلام... أفلام شخصية غامضة

نشر في 16-06-2012 | 00:02
آخر تحديث 16-06-2012 | 00:02
تحملنا الأحلام إلى مغامرات مختلفة وتكشف عن مخاوفنا العميقة ورغباتنا الدفينة. مع ذلك، لا يفهم معظم الناس معانيها. ماذا نعرف عن الأحلام تحديداً وهل يمكن تنشيط المخزون الفكري عمداً لرؤية الأحلام المنشودة؟

كان فرويد يقول إن الأحلام هي «الطريق الملكية إلى اللاوعي» ولا يمكن السيطرة عليها بأي طريقة. يؤثر بعض الأحلام علينا فترة طويلة بينما تتبخر أحلام أخرى بشكل فوري، أو يتكرر بعض الأحلام مرات عدة ويترسخ في الذهن. يتولى الدماغ فبركة تلك «الأفلام» الشخصية خلال الليل أو النهار، لكن لا تزال هذه العملية محاطة بغموض كبير حتى الآن. لكن هل تعلمون بأن الأحلام يمكن أن تغذي الحياة اليومية؟ في ما يلي أسئلة وإجابات مفصّلة في عالم الأحلام.

هل يحلم المرء طوال فترة الليل؟

يمضي المرء 100 دقيقة وهو يحلم خلال فترة الليل، أي ما يساوي ساعة و40 دقيقة من أصل ثماني ساعات نوم تقريباً، ما يساوي بين خمس وسبع سنوات من متوسط العمر. يتم إنتاج تلك الصور الذهنية في مرحلة النوم العميق، أي عندما تتوقف حركة العضلات ويصبح الجسم في حالة تشبه الشلل. لكن في هذه الفترة، يكون النشاط الدماغي مشابهاً لوضعه في حالة اليقظة. تبين هذا الأمر من خلال الحركات السريعة التي تُرصَد وراء الجفون. كل 90 دقيقة تقريباً (مرة في كل دورة نوم)، ننطلق في مغامرة ليلية جديدة تدوم بين 15 و20 دقيقة من دون تحريك أي ساكن في الجسم.

ما فائدة الحلم؟

الحلم عملية طبيعية وضرورية للحفاظ على التوازن النفسي الذي لا يزال غامضاً بدوره نظراً إلى غياب المعطيات العلمية لتفسير الأمور النفسية. قد يساهم هذا النشاط في تحويل الذاكرة الضعيفة إلى ذاكرة قوية وتحسين عملية انتقاء المعلومات المتلقاة خلال اليوم، فضلاً عن تسهيل عملية نقل المعلومات بين نصفَي الكرتين المخيّتَين. عند مواجهة مشكلة حساسة، ألا يُقال إن الليل كفيل بتهدئة الأعصاب والمساعدة على إيجاد الحل؟ إلى جانب الناحية العصبية والبيولوجية، لا شك في أن هذه الظاهرة تهمّ المحللين النفسيين أيضاً لأن الحلم يعني فتح الباب أمام اللاوعي.

هل تؤثر الأحلام على الحياة اليومية؟

طبعاً! يتضح ذلك حين يشاهد المرء حلماً جميلاً وممتعاً فيستيقظ في الصباح وهو بمزاج رائع. في المقابل، يشعر المرء الذي يرى الكوابيس بالانزعاج والضيق. لكن لحسن الحظ، قد يؤثر مسار حياتنا ومزاجنا الإيجابي على الأحلام أيضاً. باختصار، تؤثر الأحلام على مسار أيامنا والعكس صحيح!

صحيح أن البعض لا يحلم مطلقاً؟

لا، الجميع يحلمون كل ليلة. لكنّ الشخص الذي يظن أنه لا يحلم مطلقاً لا يتذكر ما رآه بكل بساطة. إنها حالة مختلفة.

هل يكون نشاط الأحلام متشابهاً في جميع مراحل الحياة؟

مع التقدم في السن، لا يتذكر المرء أحلامه غالباً، لكن لا يعني ذلك أن عدداً أقل من الأحلام يراوده. يحلم الأطفال أيضاً. خلال الأشهر الأولى من الحياة، يكون النوم العميق لدى الأطفال أطول بمرتين مقارنةً بالراشدين. هل يعني ذلك أن الأطفال يحلمون بوتيرة مضاعفة؟ ربما يحصل ذلك، ولن يكون الأمر مفاجئاً خلال هذه المرحلة الحساسة التي تشهد نمو الدماغ. يتأثر مضمون الحلم بأحداث الحياة اليومية والأحداث الماضية والمواقف المؤثرة المترسخة في الذاكرة أو حتى المنسيّة. بالتالي، يُفترض أن تتكوّن أحلام الطفل من الأضواء والأصوات والألوان والصور المبهمة.

هل ينطبق الأمر نفسه على الحيوانات؟

النوم العميق موجود عند الثدييات والطيور. عند مراقبة كلب أو قطة مثلاً، من الملاحظ أن عضلات الحيوان تنقبض وتتحرك عيناه تحت الجفنين. لا شك في أنه يحلم بوجبة شهية! قاس الباحثون الموجات الدماغية خلال النشاطات الضرورية للبقاء على قيد الحياة (استكشاف المكان، الصيد، تذوّق الفريسة...) وخلال الحلم لدى الحيونات، فتبين أنها متشابهة.

لماذا ننسى ما حلمنا به غالباً؟

حين نوقظ شخصاً نائماً عندما يكون في دورة النوم العميق، قد يسرد حلمه بوضوح تام في 80 إلى 85% من الحالات. لكن إذا تأخر في النهوض إلى ما بعد تلك المرحلة، فقد يتبخر الحلم بوتيرة أسرع. صحيح أن الحلم يُخزَّن في «بنك للذاكرة» يسهل الوصول إليه، لكنه لا يدوم إلا لفترة قصيرة جداً. في هذه الحالة، نتذكر أننا حلمنا ولكننا لا نتذكر تفاصيل الحلم. وحتى لو تذكرنا بعض الأمور، لا شك في أنها تعود إلى آخر حلم رأيناه بعد سلسلة من الأحلام خلال الليل.

هل يحمل الحلم معنىً مبطناً دوماً؟

يجب عدم المبالغة في تفسير الأحلام، فهي لا تنذر بما سيحصل في الحياة الواقعية. لكنها تستطيع حتماً مساعدتنا على استكشاف جوانب دفينة في داخلنا ومعرفة حقيقة ارتباطنا بالآخرين وبالأحداث. وفق بعض الخبراء، يترجم الحلم وضع الشخص الداخلي، وهو وضع لا يتقبله الوعي. لكن قد لا يعكس الحلم أموراً دفينة دوماً لأنه يمر بالذاكرة والأفكار المخزّنة في الدماغ.

لماذا يترافق الحلم مع هذا الكم من العواطف؟

أبرز ما يميز الحلم هو الشعور بأنه حدث واقعي فعلاً فنعيشه ونشعر به، ما يفسر الانفعالات الجسدية أكثر منها النفسية (تعرّق، قشعريرة). لا يدرك المرء أنّ ما يراه هو حلم إلا بعد أن يستيقظ.

هل يجب أن نحاول تذكر الحلم؟

ليس بالضرورة. إن ربع النائمين فقط يتذكرون أحلامهم. لكن عند طرح أسئلة مكثفة عن هذا الموضوع، يمكن التعمّق بمعنى الأحلام شرط عدم تفسيرها حرفياً. فالحلم غامض بطبيعته.

ماذا عن الأحلام المتكررة؟

الحلم المتكرر الذي لا معنى له يشبه الرسالة التي لا نفتحها أبداً. يمكن الاستفادة من فك شيفرته شرط القيام بذلك بعد دورات نوم متتالية ومن دون إطلاق أحكام فورية ومتسرعة.

ماذا عن الكوابيس؟

تنتهي هذه الأحلام البشعة والمليئة بالوحوش والأحداث المأساوية بالاستيقاظ فجأةً بما يشبه التعرض لصعقة كهربائية مع الشعور بانزعاج شديد، لكن تنتهي الحالة عند هذا الحد غالباً. لكنّ تكرار هذا النوع من الأحلام المريعة قد يكشف عن وجود ضغط نفسي أو صدمة مرتبطة بحدث مزعج ولا بد من معالجة المشكلة والتعبير عن تلك المشاعر الخفية في هذه الحالة.

هل يمكن أن نحلم أثناء اليقظة؟

يشكل حلم اليقظة جزءاً من عالم التحليل النفسي وهو تقنية للاسترخاء وتهدئة النفس. قد يبدأ حلم اليقظة أثناء جلسات الاسترخاء فيصبح هذا الحلم خلال فترة قصيرة أشبه بالحلم العادي ويفقد الشخص السيطرة على الأحداث التي يراها. في هذه الحالة، يعبّر اللاوعي عن نفسه بكل حرية.

النوم السليم يضمن أحلاماً هادئة!

- تناول وجبة غنية لكن خفيفة: بدل استهلاك الوجبات الدسمة والغنية بالبروتينات، من الأفضل تناول مأكولات غنية بالسكريات التي ينخفض فيها مؤشر سكر الدم. تكون هذه الأنواع سهلة الهضم وهي تعزز إفراز هرمونات النوم والاسترخاء. ننصح مثلاً بتناول المعكرونة مع الخضار. إنه طبق مثالي!

- تخصيص الوقت للاسترخاء: تشمل هذه الجلسة التمطط، أو تدليك الساقين، أو قراءة بضع صفحات... الأهم هو عدم الخلود إلى النوم إذا كان الجسم متشنجاً. لذا ننصح بعدم مشاهدة أفلام رعب أو خوض نقاش حاد مع الشريك قبل النوم. كذلك، يجب ألا ننسى ضرورة أن نتمنى لأنفسنا أحلاماً سعيدة!

- جو هادئ ومنعش: يجب ألا تتجاوز حرارة الغرفة 19 درجة مئوية بعد تهوئتها، مع الحرص على أن يكون الفراش نظيفاً ومنعشاً.

back to top