إن تحميل الحراك الشعبي كل ما فعلته أو تفعله «الأغلبية» هو تضليل مقصود من قبل منظومة الفساد السياسي، فالأغلبية لها ما لها وعليها ما عليها، وهي ليست سوى طرف من ضمن أطراف سياسية وشبابية عدة شاركت وتشارك في الحراك الشعبي الإصلاحي.

Ad

تطرقنا في هذه الزاوية غير مرة إلى أن ما يسمى الأغلبية مصطلح ملتبس سياسياً وغير محدد، وهو يعكس التباس وضعنا السياسي، إذ إن ما يسمى "الأغلبية" ليست أغلبية حزبية برلمانية تشكّل الحكومة كما في الأنظمة البرلمانية، كما أنها ليست أغلبية حزبية معارضة لها رؤيتها وبرنامجها الواضح كما في الأنظمة الرئاسية.

بل إنها ليست سوى مجموعة من النواب غير المتجانسين فكرياً وسياسياً توافقوا بشكل عام أثناء وجود مجلس 2012 على بعض مشاريع القوانين، أو ما أسموه الأولويات التي لم ير أغلبها النور، إما نتيجة لطريقة صياغة القوانين وإقرارها، والتي تأخذ عادة وقتا طويلا، وإما لانشغالهم في قضايا فرعية وخلافية استهلكت جل وقتهم إلى أن تم إبطال المجلس من قبل المحكمة الدستورية.

أضف إلى ذلك أن كتلة ما يسمى "الأغلبية" لم تكن على توافق تام مع الحكومة، أي أنها ليست دائما "في جيب" الحكومة!

أما الآن وقد أُبطل المجلس فإن وضع ما يسمى الأغلبية ازداد غموضاً، مما يجعلها صيداً سهلاً لمعارضيها وهم كثر، خاصة أباطرة منظومة الفساد ورعاته الذين يصورون للرأي العام زوراً وبهتاناً أن المطالب الشعبية المتعلقة بالإصلاح السياسي والديمقراطي ومحاربة الفساد مقتصرة فقط على ما تطرحه "الأغلبية"، لذلك فإن أي تصرف خاطئ أو موقف مرفوض من أي عضو من أعضاء "الأغلبية" سواء حصل ذلك في السابق أو حاليا ينسحب، كما تصور الآلة الإعلامية الضخمة والمكثفة لأعداء النظام الدستوري وأباطرة الفساد، على مجمل الحراك الشعبي، وهو الأمر الذي قد يشوّه المطالب الشعبية في أذهان بعض الناس خاصة مع وجود بعض التحفظات والملاحظات الأولية على ما يسمى "الأغلبية".

بكلمات أخرى فإن تحميل الحراك الشعبي كل ما فعلته أو تفعله "الأغلبية" هو تضليل مقصود من قبل منظومة الفساد السياسي، فالأغلبية لها ما لها وعليها ما عليها، وهي ليست سوى طرف من ضمن أطراف سياسية وشبابية عدة شاركت وتشارك في الحراك الشعبي الإصلاحي، وهي، مثالاً لا حصراً، التيار التقدمي والحركة الديمقراطية المدنية (حدم) ومظلة العمل الكويتي (معك) والاتحاد الوطني لطلبة الكويت وغيرها من المجاميع الشبابية المختلفة.

من هذا المنطلق وحيث إن مطالب الإصلاح السياسي والديمقراطي هي مطالب شعبية عامة لا يقتصر تبنيها على ما يسمى "الأغلبية" أو غيرها من التنظيمات مثل "نهج"، فإنه من الأفضل أن تشكل قيادة سياسية وليست انتخابية للحراك الشعبي تمثل فيها جميع القوى السياسية والشبابية الداعية إلى الإصلاح السياسي والديمقراطي من دون استثناء أحد، على ألا تتشتت الجهود على القضايا الخلافية التي لم يحن وقتها بعد، بل يجب أن تتركز حاليا على قضية محددة متوافق عليها كما حصل أثناء حملة "نبيها خمس"، وهي عدم تمكين الحكومة من الانفراد بتعديل الدوائر الانتخابية للتحكم بنتائج الانتخابات، وما قد يترتب على ذلك من تداعيات سياسية ودستورية، وإلى أن يتحقق هذا المطلب فلكل حادث حديث.