إن العاطفة وحدها لا تبني الأوطان يا أبناء وطني، و«الوحدة الوطنية» لن تكون سوى كذبة كبيرة ما لم تتقبل كل مكونات المجتمع الكويتي مثيلاتها وتتعايش سلمياً و«عملياً» فيما بينها، وتعتبر كل شريحة مجتمعية الأخرى جزءاً أصيلا لا يمكن إلغاؤه أو إهمال حقوقه وواجباته بأي حال من الأحوال.

Ad

إنها الوحدة الوطنية "الموسمية" تلك التي نعيشها منذ 22 سنة، فكلما مرت علينا ذكرى الغزو والتحرير، نعيد نفس المشاهد التمثيلية بنفس الموسيقى التصويرية ونفس الأدوار التي يتعاقب الممثلون على تكرارها بنفس السيناريو والحوار الممل، والكل يعطي نفسه دور البطولة.  أما أسوأ ما في الموضوع فهو أن أغلب الجمهور يستمر في التصفيق بحرارة رغم الكم الهائل من الملل والإحباط، لعله بذلك يهرب من الواقع المرير الذي يعيشه على مدار السنة. مسكين ذلك الجمهور المغلوب على أمره، يجهل أنه جزء أصيل من تلك المسرحية، ويفرح عندما يمنحه الممثلون دور "مصدر السلطات" في المشهد الأول، ويسلبون ذلك الدور ويجيرونه لمصلحة أهوائهم عند نهاية المسرحية، لتخرج الجماهير الغفيرة في النهاية من المولد بلا حمّص! فعلا لقد مللنا السكوت ونحن نراهم يعيشون كذبة أسموها "الوحدة الوطنية"، يرفعون شعارها فقط "عند اللزوم"، وهم أنفسهم يخبئون معاول الهدم خلف ظهورهم، ليعيدوا استعمالها متى ما اقتضت الضرورة. مللنا ونحن نسمعهم كل سنة يفاخرون ببطولات ذلك الشهيد، ألا يعلمون أن الشهيد نفسه يخجل من أفعالهم، وأنه لو عاد إليهم وصافحهم بالمصادفة لطلب الماء ليتوضأ ويتطهر من الدنس! إن العاطفة وحدها لا تبني الأوطان يا أبناء وطني، و"الوحدة الوطنية" لن تكون سوى كذبة كبيرة ما لم تتقبل كل مكونات المجتمع الكويتي مثيلاتها وتتعايش سلمياً و"عملياً" فيما بينها، وتعتبر كل شريحة مجتمعية الأخرى جزءا أصيلا لا يمكن إلغاؤه أو إهمال حقوقه وواجباته بأي حال من الأحوال. ومن يرفض ذلك، فليتقبل جلوسه على مقاعد مسرحية الوحدة الوطنية.

خربشة: كان بيننا شهيد، لكنه فضّل الرحيل على البقاء، لأننا لم نفهم رسالته!