أصبح الناس في هذه الأيام وللأسف الشديد يتداولون الأخبار والمعلومات حال سماعها، دون أن يبذلوا أي جهد للتأكد من صحتها، فتنتشر بين الناس كانتشار النار في "تايرات أمغرة"، وعندها لا يفيد المتضررين منها أي تكذيب أو تصحيح، فقد رسمت الصورة الأولى في أذهان الناس وأصبح الضرر متحققاً، فإذا كان الناقل سياسياً أصبحت المصيبة أعظم، لأن وسائل الإعلام المتلهفة لأي فضيحة والمتحفزة لكل صرخة، ستنشر تلك المعلومة في وسائلها المختلفة، فتصبح حديث الساعة في الكويت وخارجها، وفي دقائق معدودات تصبح المعلومة الكاذبة أو غير الدقيقة على لسان كل الناس، والموضوع الرئيسي لمجالسهم وديوانياتهم، ثم يأتي دور كتاب المقالات ليضيفوا عليها ما طاب ولذ من البهارات الحارة والتحليلات الساخنة التي ترسخ الصورة الخطأ في عقول الناس وضمائرهم.
نعم إنها مسألة أخلاقية خطيرة جداً، وقد حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث شريف، ونبهنا إلى هذه المسألة، وحذرنا منها فقال عليه أفضل الصلاة والسلام "كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع"، وقال "إن الرجل ليتلفظ بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً تهوي به في جهنم سبعين خريفاً".المشكلة أن بعض السياسيين عندنا استمرأوا ذلك، وأصبحت تلك الوسيلة أسلوباً معتمداً لا يستطيعون التخلص منه، بل قل لا يرغبون في التخلي عنه، بل وصل الحال ببعضهم إلى عدم الاكتراث بالاعتذار عن ذلك التصريح بعد أن تبين لهم عدم صحته، أو عدم دقته، أو أن ليس له أصل، وكأن الأمر لا يعنيهم في شيء، فالضربة التي كانوا يريدون أن يوجهوها وصلت، ولا يهمهم بعد ذلك أن تكون بحق أو بباطل.المشكلة الأعظم أن الناس مازالوا يواصلون التصفيق لأولئك دون أن يؤثر عليهم ما يقع منهم من تعجل أو تسرع، ولا يبدو أنهم مهتمون بتوجيه اللوم لهم أو تنبيههم لذلك الخطأ، وكأنهم يطالبونهم بمزيد من الإثارة حتى لو كانت غير مستندة إلى أدلة وبراهين، لهذه الأسباب جميعاً لابد من تحريك اقتراح تشكيل لجنة برلمانية لضبط ممارسات الأعضاء ومحاسبتهم على أي تجاوز للقانون والأخلاق حتى لا تهتز الصورة التي نريدها لنائب الأمة، كما أننا أيضاً نطالب المسؤولين عن وسائل الإعلام بإعلان الميثاق الأخلاقي الذي ينظم العمل الإعلامي والتعهد أمام الناس بالالتزام به.
أخر كلام
كلمة راس: فتبينوا
16-05-2012