لا أعلم كيف جمعت المصادفة ميدان التحرير ودوار اللؤلؤة بساحة الإرادة "فما أشبه اليوم بالأمس" مع كل التناقضات في المواقف واختلاف الأسباب والمبررات، فليست الكويت كالبحرين وليست الكويت كمصر!

Ad

استمرار المطالبة بسحب مرسوم الصوت الواحد عبر مسيرات ليلية شهدتها عدة مناطق بدولة الكويت والدعوة إلى المبيت بساحة الإرادة وغيرها من الساحات ما هما إلا البداية لعصيان مدني صرح به مجموعة من رموز المعارضة، وما هما إلا مقدمة لمطالب أخرى وبداية لرفع السقف كالمناداة بالحكومة الشعبية.

الأيام المقبلة ستكشف عن ماهية تلك المطالب، وهل ستنحصر بالمرسوم، وكيفية معالجة تبعاته الدستورية، فالطريقة التي تطالب بها المعارضة لسحب المرسوم ستدخل الدولة في نفق مظلم لا أحد يستطيع التكهن بنتائجه، فكما هناك معارضون هناك مؤيدون وهنا لا أعتقد بسياسة لي الذراع في وجود دولة القانون ستجدي نفعاً.

إذن المخرج الوحيد الماثل هو انتظار حكم المحكمة الدستورية أو انتظار ما ستسفر عنه علاقة المجلس مع الحكومة، ومدى جدية الطرفين بالتعاون، وفي هذه النقطة بالذات باب المراهنة مفتوح على مصراعيه، فالتحفظات على التشكيل الوزاري كانت حاضرة عند أغلب النواب، وكذلك وجود نواب محسوبين على بعض مواقع القوى سيساهم في توتر العلاقة بأي لحظة، فالمهلة المعلنة التي حددت بمدة لا تزيد على ستة أشهر سيتم خرقها والأيام بيننا!!

عمل المجلس لن يكون بهذه الأريحية التي يتصورها البعض إن لم تبدأ الحكومة بتنفيذ برنامج تنموي يحاكي معاناة المواطنين، ويلامس معاناتهم اليومية، وهي كثيرة ومتشعبة، فتعاون السلطتين مهم في هذه المرحلة، وهنا لا أقصد الاستسلام للحكومة، فالرقابة البرلمانية ليست مطلباً بل واجباً أصيلاً من عمل النواب.

على الجانب الآخر الحكومة ممثلة بوزرائها عليها أن تعي أهمية المرحلة القادمة لكسب ثقة الشعب من خلال تطبيق القانون وعدم التفريط بحقوق المواطنين، وأن تكون مسطرة القانون والعدل هي الحاضرة.

تصريح نائب الرئيس لم يكن موفقاً في شقه السياسي، حيث أثار الكثير من علامات الاستغراب لدى المتابعين للشأن السياسي عندما ذكر أن "الحكومة تقود المجلس"، فهو بذلك يجافي الحقيقة التي تقتضي تعاون السلطتين دون تدخل بالسلطات المخولة لكل منهما حسب ما نص عليه الدستور، كما أنه يخالف ما جاء بالمذكرة التفسيرية "النظام الديمقراطي الذي تبناه طريق وسط بين النظامين البرلماني والرئاسي مع انعطاف أكبر نحو أولهما لما هو مقرر أصلا من أن النظام الرئاسي إنما يكون في الجمهوريات".

قال تعالى "وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ" الآية (76) سورة الواقعة.

لا أعرف كيف لأحد من الوزراء أو النواب أن يتجرأ ويتجاوز عواقب الحلف، وعدم الوفاء بالعهد "أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للوطن وللأمير وأن أحترم الدستور وقوانين الدولة، وأذود عن حريات الشعب وأمواله، وأؤدي أعمالي بالأمانة والصدق"!

ودمتم سالمين.