الجديد في الوزارة الجديدة أنه لا يوجد جديد، موظفو دولة خرجوا، وموظفو دولة دخلوا، فأين الجديد؟! الحديث عن التشكيلات الوزارية المتعاقبة مستهلك، فعدا الوزارة الأولى التي كان فيها الشعبيون الأقل تمثيلاً إلا أنهم كانوا، وللمفارقة التاريخية، الأعلى صوتاً والأثقل وزناً سياسياً. تجربة وزارة 63 مضت ولن تكرر، ولحظات حياة الدولة الدستورية الحقيقية حتى منتصف ستينيات القرن الماضي مضت أيضاً، ولن تكرر.

Ad

أستدرك، هي لن تكرر طالما بقي الوزراء الشيوخ هم المهيمنين على الدولة، وعدد كبير من أفراد الأسرة الحاكمة يقبضون على مفاصل الدولة، وهم يمثلون المرجعية السياسية بداية ونهاية، وسميتهم قبل سنوات بـ"حكومة الحكومة"، أي الدولة العميقة التي تكون قراراتها غير قابلة للطعن، والتي تحل وتربط، أما بقية الوزراء وصفوف الموظفين التي تليهم في السلم الوظيفي فهم "تحصيل حاصل"، دورهم محدود بحكم أعراف المشيخة، قراراتهم لها سقف محدود سلفاً، لا يمكن أن يتجاوزوه، قراراتهم تكون دائماً من "شؤون" الإدارة، أما أعمال السياسة، فهي في الغالب، لها وفق "الأعراف المشيخية" طابع السيادة.

في تلك الأعمال يمكن أن يسمح لرأي أو أكثر من طبقة الموظفين الكبار في أن يفصح عن نفسه في الإصلاح أو التطوير أو حتى "التعطيل"، لكن بحدود، وليس له أن يتجاوزها، فيكون لهم "رأيهم" الاستشاري، ولا أكثر. مساحة حرية الوزير في طرح إصلاحات جدية، أو تطوير حقيقي في مؤسسات الدولة محدودة بسقف من لهم حق النقض "الفيتو" من حكومة الحكومة، فما الجديد عن وزارة اليوم؟

حكومة الحكومة، أي وزارة الشيوخ هي بالعادة، ثابتة لا تتغير، ولا تتطور، قد يتغير أشخاص، يذهب بعضهم (أحياناً) ويجلب غيرهم، لكن المنهج واحد، والفكر ثابت، يدور حول محور يلخص بكلمتين "إحنا أبخص"، فهم أبخص اليوم في معرفة التوازنات السياسية، وكيف يمكن قمع المشاغبين في أحايين، أو شراؤهم في أحايين أخرى، بين سياسة القمع والشراء، أي سياسة العصا والجزرة تدور السياسة الكويتية حول نفسها لا تتقدم. لكنها تتأخر بحكم الاستفراد السلطوي بشؤون الدولة.

نهاية، أعتقد أن "حكومة الحكومة"، من حزب الولاة الحاكمين، محظوظون اليوم، فلها مجلسان استشاريان، واحد اسمه مجلس الوزراء، يقول: نعم، والآخر مجلس الأمة يردد الصدى: بنعمين.