بأنامله الناعمة ويديه الصغيرتين، يمسك هلال وهو طفل فلسطيني لم يتجاوز العاشرة من عمره، أكياسا صغيرة من التسالي لبيعها على المارة تحت صورة كبيرة تشكر دولة قطر على دعمها المقدم إلى غزة، والتي حلت حديثا بدلاً من صورة الرئيس المصري.

Ad

وبحسب حكومة حركة «حماس» التي تدير مقاليد الأمور في القطاع الرملي، فإنها وفرت حوالي 185 ألف فرصة عمل دائمة، وقللت نسبة البطالة من 60 في المئة إلى 30 في المئة، مبينة ان الناتج السنوي للحكومة خلال عام 2011 قد بلغ نحو 2 مليار و396 مليون دولار.

ويقول هلال الذي يمسك بيديه أكياسا كثيرة من التسالي، ويحمل على ظهره حقيبته المدرسية في ساعة متاخرة من الليل لـ»الجريدة»، انه يحاول جمع فتات الشواقل لشراء ملابس العيد، بعد ان عجز والده العاطل عن العمل منذ سنوات عن الإيفاء بمستلزمات أسرته.

ولم يقتصر العمل في الشوارع وعلى المفارق الرئيسية في غزة، على الطفل هلال، بل يوجد الكثير من الأطفال بينهم زهرات دفعهن الفقر للخروج الى العمل، خصوصا مع اقتراب عيد الأضحى. وتسبب عجز حكومة رام الله عن دفع رواتب موظفيها عن شهر سبتمبر الماضي، في شلل كبير في المحال التجارية، خصوصا في اسواق الملابس، ومزارع المواشي التي تشهد حالة من الركود والكساد الاقتصادي، رغم اقتراب العيد.

ويقول شادي وهو صاحب محل صغير لبيع ملابس الاطفال في حي الرمال وسط المدينة لـ»الجريدة»، إن الأوضاع الاقتصادية سيئة جدا، بسبب قلة البضائع الجديدة التي تدخل الأسواق، نتيجة اغلاق مصر للانفاق وغلاء الأسعار، فضلا عن عدم صرف رواتب الموظفين والتي تدب الحركة في الأسواق.

ويخشى أبومحمود وهو صاحب محل لبيع الملبوسات الأجنبية، ان يتعرض وغيره من التجار لمزيد من الخسائر المادية في حال تأخر الرواتب فترة اطول، مبينا ان ذلك من شأنه ان يغير من اولويات الموظفين الشرائية.

العم سعدي صاحب مزرعة للمواشي في جنوب قطاع غزة، جلب قبل تشديد الإجراءات الأمنية على انفاق التهريب عشرات الخراف والعجول، وقام بتربيتها لبيعها في موسم العيد، لكنه اصطدم في الواقع الاقتصادي وعدم صرف رواتب الموظفين، ما دفعه ذلك الى البيع بالتقسيط للموظفين. ويقدر سعر كيلو العجل عند وزنه قبل الذبح 22 شيقلا نحو «خمسة دولارات ونصف الدولار»، بينما يبلغ سعر كيلو الخروف 26 شيقلا. ويقول الخبير الاقتصادي والمحاضر الجامعي محمد عبدالله لـ»الجريدة»، ان حالة الركود الاقتصادي التي يشهدها القطاع مردها نقص في السيولة المالية عند الموظفين نتيجة تأخر الرواتب، والحد من ادخال البضائع المهربة عبر الأنفاق، واستمرار الحصار الإسرائيلي، واتساع حالة الفقر والبطالة التي يشهدها المجتمع.