حسب آخر إحصائية متاحة فإن الكويت سجلت 4 براءات اختراع من أصل 220 براءة اختراع سجلتها دول مجلس التعاون الخليجي، كان نصيب الاسد منها للسعودية بـ147 براءة.

Ad

إلا ان العالم ليس دول الخليج فقط، اذ يشير تقرير المنظمة الدولية للملكية الفكرية (وايبو) الى ان العالم سجل في 2011 نحو 11 الف براءة اختراع كان نصيب الصين وحدها 3400 براءة، واليابان 2100 براءة ثم كندا 830 براءة، وكوريا والولايات المتحدة 800 براءة اختراع لكل منهما.

كما أن عدد براءات الاختراعات المسجلة عالميا خلال عام 2011 نمت 10.7 في المئة مقارنة بعام 2010 في اسرع معدل نمو يتم تسجيله منذ عام 2005.

ولعل عدد براءات الاختراع الكويتية بالمقارنة مع العالم وحتى دول الخليج يكشف لنا ضمور بيئة الإبداع في الكويت، إذ إن تقرير «وايبو» يتحدث عن الرقم الادنى المفترض لبراءات الاختراع في اي دولة يجب الا يقل عن 1 من كل 10 آلاف نسمة سنوياً، اي ان الكويت يجب ان يكون عدد براءات الاختراع فيها 110 براءات اختراع سنوياً، وهو رقم بعيد جدا عن الـ4 حالات التي سجلتها الكويت في آخر إحصائية.

وتعرف المنظمة العالمية للملكية الفكرية براءة الاختراع بأنه «حق امتياز خاص يمنح بشكل رسمي لمخترع في فترة زمنية محددة، مقابل سماحه للعامة بالتعامل مع الاختراع». وهذا الحق الذي يُمنح لصاحب الاختراع لمنع الآخرين من صناعة أو استخدام أو بيع أو عرض ذلك الاختراع دون الحصول على موافقة من صاحب براءة الاختراع، كما أن إجراءات الحصول على براءة الاختراع والمتطلبات المفروضة على المخترع ومدى الحقوق الخاصة للمخترع مختلفة بين الدول بحسب قوانين الدولة نفسها والاتفاقيات الدولية. كما أن طلب براءة الاختراع يجب أن يتضمن على الأقل شيئاً جديداً ومبتكراً ومفيداً أو تطبيقاً صناعياً.

ومن الأرقام اللافتة في براءات الاختراع لعام 2011 هو أن الدول العربية مجتمعة سجلت 412 براءة اختراع، أما إسرائيل وحدها فسجلت في نفس العام 1882 براءة اختراع، مما يعكس جانب اختلاف البيئة بين اسرائيل ومحيطها العربي، اذ تتوافر في اسرائيل بيئة الابداع اكثر بكثير من اي دولة عربية محيطة.

ولعل اهم ما يمكن الحديث عنه كبيئة للابداع هو نظام التعليم نفسه الذي يمكن ان يسمح للفرد بالابتكار وكسر الانماط التقليدية في التفكير، إلا اننا على الجانب العملي في الكويت على الاقل سرعان ما يتحول الحديث عن تغيير المناهج وتطويرها إلى مشروع ازمة طائفية - سياسية... في حين يتراجع الحديث عن الاساليب الحديثة للتعليم لصالح قضايا هامشية لا تعني شيئاً للمستقبل.

وبما أن الابتكار نتاج نشاط بشري يتواجد في بيئة معينة ترعى هذا الانتاج، فإن عدم توافر البيئة يعني صعوبة انتاج اي عمل ابتكاري او لنقل ندرته، لان معظم الاعمال وبراءات الاختراع تقوم أصلا على مبادرات فردية اكثر منها رعاية او سياسة دولة.

بالطبع لا تقتصر بيئة الابداع المطلوبة على النظام التعليمي، بل يجب ان تمتد الى سوق العمل من خلال توفير بيئة للشباب لتنفيذ افكارهم عبر مشروعات صغيرة ومتوسطة كتوفير التمويل والاراضي وتسهيل الاجراءات البيروقراطية كي يمكن للأفكار الشبابية ان تتبلور عمليا، خصوصا ان هناك افكارا كثيرة يسعى لتنفيذها الشباب الا ان العوائق في البيئة الاستثمارية اصلا اكبر من توفير بيئة ابداعية للشباب.

إن الفئة العمرية دون 21 عاماً والتي تشكل ما نسبته 51 في المئة من المواطنين الكويتيين يجب ان تكون وقودا للإبداع وأساسا لبراءات الاختراع وليس عبئاً على الدولة، كما يجب أن تكون محفزاً أساسياً للنمو الاقتصادي، فكلما زادت نسبة الشباب ارتفعت توقعات الإنتاج في أي بلد، إلا أننا في الكويت نتعامل مع الشباب ككرة ثلج، فاليوم نعاني الشباب كعامل ضغط على التعليم، وغداً على سوق العمل، وبعد غد على الرعاية السكنية ومختلف الخدمات الأخرى.

بيئة الإبداع والابتكار لا يمكن تحقيقها بقرار أو قانون بل بتغيير فلسفة الدولة لتكون مهيئة لتشجيع الأفكار الجديدة من خلال التعليم والعمل، فهناك دول عديمة الموارد، كسنغافورة واليابان ولكنهما في مقدمة دول العالم، لأنهما استثمرتا في الفرد بشكل علمي ومدروس، وهنا لا يقتصر الحديث على الإنفاق المالي، فالكويت تنفق 8.6 في المئة من الناتج الإجمالي للدولة على التعليم، في حين ان سنغافورة تنفق 3.2 في المئة فقط من ناتجها الإجمالي، كما تنفق اليابان 4 في المئة وأميركا 5 في المئة، وإسرائيل 7 في المئة، وكوريا الجنوبية 7.1 في المئة، وفرنسا 6.1 في المئة، وبريطانيا 5.9 في المئة، وألمانيا 5.3 في المئة.

فالمال وحده ليس الحل السحري لتوفير بيئة الابداع، إذ إن الميزانية العامة للدولة شهدت نمواً استثنائياً في الإنفاق على التعليم من مليار دينار العام الماضي الى 1.7 مليار دينار هذا العام، مدعومة بإقرار كادر المعلمين، إلا ان الإنفاق على التعليم لم يواكبه فلسفة تحول هذا الإنفاق الى مخرجات توازي ما يُنفَق من أموال.