كنت أتمنى أن يكون عنوان المقال "البدون... آخر مرة"، فقد سبق أن كتبت كثيرا عن مأساتهم، وقررت أن أتوقف وأنتظر ليكون المقال الأخير تهنئة لهم بانتهاء مشاكلهم، ولكن للأسف يبدو أن المخرج المسؤول عن هذا المسلسل لا يريد له أن ينتهي، فتارة يتصاعد بالأحداث إلى قمة السخونة والإثارة وتارة يهبط بها لدرجة الرتابة والاعتياد، أو هكذا يتخيل ويتوهم، والبدون أصحاب القضية يعانون في كل الحلقات وكل الأحوال والأزمان.
والأعجب مما يعانيه البدون هو موقف بعض الإخوة الكتاب ومعالجتهم للقضية، فقد أصبحت القضية عندهم هل قام البدون برشق سيارات الشرطة بالحجارة أم لا؟ وهل كان رد القوات الخاصة عليهم عنيفا متجاوزا الحد أم رقيقا؟ فهل هذه هي المشكلة في نظركم؟ ماذا فعل متظاهرو البدون وكيف ردت قوات الداخلية؟ هل يمكن اختصار القضية هذا الاختصار المخل؟ لا يا سادة... القضية كانت وما زالت لماذا خرج البدون أصلا؟ لماذا يتظاهرون؟ بماذا يطالبون؟ لماذا هم غاضبون؟ هذه هي المشكلة وهذه هي الأسئلة التي يجب أن نبحث عن حلول لها.في حدود علمي ومتابعتي للقضية منذ أكثر من 10 سنوات القضية ذات شقين: الأول يتعلق بالحصول على الجنسية، والثاني: يتعلق بالمعاملة الإنسانية للبدون. بالنسبة إلى الأولى فجميع الشرائع السماوية إسلامية كانت أم يهودية، وجميع القوانين الوضعية إنكليزية أو فرنسية كلها تقر مبدأ "البينة على من ادعى"، فإذا كانت الحكومة تدعي، وتؤكد أن بعض البدون– أو كلهم- يحملون جنسيات أخرى، فما عليها سوى أن تظهر هذه الجنسيات أو ما لديها من إثباتات بحق هؤلاء، وعندها سيصمت الجميع وتخرس الألسنة سواء من البدون أو المدافعين عنهم، أما القول المرسل بدون إثبات، فهو أمر غير مفهوم ولا مقبول.والثاني فقد قال الجميع مرارا وتكرار: المعاملة الإنسانية الكريمة وحق التعليم والعلاج والسفر والترحال حقوق إنسانية لا مساومة فيها، ولا منّة من أحد وليست مجالا للضغط على البدون لإظهار جنسياتهم كما يدعي البعض، فهل يعقل أن يمنع الأطفال من شهادات الميلاد وحق التعليم والعلاج -مثلا- من أجل الضغط على آبائهم؟ هل نضيق على من يريد الحج ليعترف أن له جنسية أخرى؟بدون تهويل ولا تهوين، فإن رفع بعض أبناء البدون شعار النازية وعلمها مؤشر غير جيد، ويحتاج من الحكومة ومستشاريها وخبرائها إلى المزيد من البحث والدراسة والعمل الجاد لإنهاء هذه المشكلة.أتمنى أن يكون هذا هو آخر مقال، وأن يكون المقال القادم– حول هذه المشكلة- تهنئة للجميع بانتهائها والقضاء عليها لينعم المجتمع كله بالسلام والأمن والأمان.***رغم الاختلاف الكبير والرفض التام لكثير من سياسات السادات إلا أن منح الرئيس مرسي قلادة النيل له "حق صادف أهله" خاصة إذا ذكر في ديباجة المنح لأنه من أصدر قرار الحرب، فمن أجل ذلك القرار أيضا نال السادات نجمة سيناء العسكرية. أما سياساته وقراراته بعد 16 أكتوبر 73 فحولها الكثير والكثير من الرؤى والآراء المتباينة سواء السياسي منها أو العسكري. خاصة ما ذكره الجمسي في مذكراته أو ما ستكشف عنه مذكرات الشاذلي إن قدر لها أن ترى النور. وبهذه المناسبة فمن حق كل مصري شهد تلك السنوات العجاف (1967-1973) وتحمل معاناتها حيث كانت الحياة في مصر شبه متوقفة من أجل المجهود الحربي وإعادة بناء الجيش وحرب الاستنزاف والإعداد لحرب أكتوبر... إلخ. من حقه أن يشعر بالفخر والزهو كلما جاءت ذكرى حرب أكتوبر المجيدة التي أعادت للعرب جميعا– وليس لمصر وحدها- عزتهم وكرامتهم، فللجميع أقول "كل عام وأنتم بخير".
مقالات
البدون... مرة أخرى
12-10-2012