على صعيد القرارات الرئيسية المتعلقة بسقف إنتاج منظمة أوبك واختيار أمين عام جديد لها، لم يأتِ اجتماع وزراء نفط الدول الأعضاء في المنظمة بجديد، فمرة أخرى اتفق المجتمعون الخميس الماضي على إبقاء سقف الإنتاج عند مستوى 30 مليون برميل يوميا، واتفقوا أيضا على التمديد للأمين العام الحالي للمنظمة لمدة عام. وكان للمداولات التي دارت في كواليس المؤتمر والتجاذبات التي جرت على هامشه دور في التوصل الى توافق على ترحيل الخلافات حول الملف الأول إلى مايو المقبل والملف الثاني الى ديسمبر المقبل.
وعلى صعيد التوازنات داخل أوبك، كان واضحا أن كلاً من السعودية وإيران تتفاديان الدخول في مواجهة معلنة حول هذين الملفين، حيث نفى الوزير السعودي وجود خلافات سياسية بين أعضاء المنظمة في موضوع اختيار الأمين العام، بينما قال مندوب إيران إن العلاقات السعودية - الإيرانية داخل أوبك تتسم بالود والتفاهم وهي على خير ما يرام.وأرى أن للتطورات التي شهدها سوق النفط في العام الجاري أثراً على تراجع أهمية موضوع حصص الإنتاج من وجهة النظر الإيرانية، خاصة بعد أن فقدت إيران القدرة على تصدير جزء كبير من إنتاجها بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على خلفية برنامجها النووي. وقد زادت حدة هذه العقوبات بفعل الحظر التدريجي الذي أعلنته أوروبا على النفط الإيراني في يناير الماضي والذي تحول الى حظر شامل منذ شهر يوليو الماضي، وهو حظر أفقد ايران أسواق أوروبا التي تستورد نحو ربع صادرات النفط الإيراني.أما موضوع اختيار أمين عام جديد للمنظمة، والذي كان على قائمته أربعة مرشحين هم مرشح السعودية ماجد المنيف ومرشح ايران غلام نوذري ومرشح العراق ثامر الغضبان ومرشح الإكوادور ولسون باستور، والذي تناولته بالتفصيل في مقالة السبت الماضي، فقد انتهى إلى التنافس بين مرشحين اثنين بعد أن سحبت الإكوادور وايران مرشحيهما، وأبلغت الأخيرة أوبك أنها تسحب مرشحها لصالح مرشح العراق، أي انها، وكما ذكرت سابقا، قد استخدمت الفيتو للحيلولة دون وصول المرشح السعودي الى منصب الأمين العام كما فعلت ذلك مسبقا مع مرشح الكويت. ومن ثم لم يعد هناك ثمة مجال أمام وزراء المنظمة غير التوافق على التمديد للأمين العام الحالي، الذي اختير منذ عام 2006، سنة اضافية.وما من شك في أن التجاذب الراهن بين السعودية والعراق وهما حاليا أكبر دولتين منتجتين للنفط في المنظمة، وذلك بعد أن تراجعت إيران عن مركزها كثاني أكبر منتج في أوبك، مرشح للتزايد مع كل زيادة يحققها العراق في قدرته على الإنتاج، وكل ما أخشاه وجمهرة من المهتمين باقتصاديات النفط هو أن يقود هذا التجاذب في ظل ما يوصف بتخمة النفط في الأسواق العالمية الى زيادة مؤثرة في حجم المعروض من النفط، خاصة أن من المرجح أن يتواصل الأثر السلبي لأزمة منطقة اليورو وتراجع معدلات النمو في آسيا على الطلب العالمي على النفط، وأن يقود ذلك الى انخفاض ملموس في أسعار النفط في عام 2013، مما يعقد فرص التوافق المستقبلي على حصص الانتاج وعلى اختيار أمين عام جديد للمنظمة. * أستاذ الاقتصاد – جامعة الكويت
مقالات
وجهة نظر: أوبك ومعضلة 2013!
15-12-2012