سيطرت أزمة كتابة الدستور الجديد على المشهد السياسي المصري أمس، بعد قرار القضاء الإداري إحالة دعوى حل "التأسيسية" إلى المحكمة الدستورية، فبينما صعّدت القوى المدنية موقفها الرافض لمسودة الدستور، مطالبة بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية، متجاهلة دعوة الرئيس محمد مرسي إلى الحوار، التقى الأخير أمس، في إطار مبادرة "لمّ الشمل" التي أطلقتها جماعة "الإخوان المسلمين"، بعدد من ممثلي الأحزاب والقوى السياسية وبعض الشخصيات العامة، في مسعى رئاسي إلى تقريب وجهات النظر بين الإسلاميين والمدنيين، خوفاً من تفاقم الخلاف حول الدستور، المفترض أن يخرج بالتوافق.

Ad

وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية ياسر علي إنه تم توجيه الدعوة إلى كل الأحزاب لحضور اللقاء بهدف إجراء حوار وطني وبحث مستقبل البلاد، لكن عدداً من الأحزاب المدنية رفض تلبيتها، على رأسها "التيار الشعبي" بزعامة حمدين صباحي، وحزب "الدستور" برئاسة محمد البرادعي.

وأشار علي إلى حرص الرئيس مرسي على هذه اللقاءات في إطار الحوار المشترك، معتبرا أن الخلاف في وجهات النظر "أمر صحي" وأن الرئاسة تحترم موقف الأحزاب المقاطعة للاجتماع.

وكشفت مستشارة الرئيس لشؤون المرأة أميمة كامل لـ"الجريدة" تفاصيل اجتماع مرسي مع القوى السياسية، قائلة: "دار الحوار حول تسع مواد مختلف عليها في الدستور بحضور النخبة السياسية، منها المتحدث الإعلامي باسم حزب "الأمة" أيمن نور، ورئيس حزب "العربي الناصري" سامح عاشور، ورئيس حزب "الوسط" أبو العلا ماضي".

وأكدت كامل قائلة: "الرئيس مرسي قرر إجراء المزيد من المشاورات والاجتماعات مع مختلف القوى السياسية بعد الانتهاء من إجازة عيد الأضحى حتى التوصل إلى حل جميع المواد العالقة في الدستور".

من جهته، انتقد مساعد رئيس الجمهورية سمير مرقص المسودة الأولى للدستور الجديد، الذي طرحته الجمعية التأسيسية مؤخراً، ووصفها بأنها " لا تعبر عن ثورة 25 يناير ومبادئها الأساسية التي جمعت بين الحرية والعدالة الاجتماعية".

جبهة الدستور

وصعّد 18 حزبا وقوى سياسية فاعلة في الشارع المصري موقفها الرافض لمسودة الدستور، ودشنت تلك القوى جبهة لكتابة دستور جديد، خلال مؤتمر صحافي مساء أمس الأول، وأعلنت رفضها لدعوة الرئيس مرسي للحوار الوطني، ومسودة الدستور المقترحة، مطالبين بإعادة تشكيل التأسيسية وصياغة دستور يعبر عن ثورة 25 يناير.

وقال عبدالحكيم، نجل الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، أحد المشاركين في المؤتمر، لـ"الجريدة" إن "الدستور الجديد يجب أن يكون معبراً عن إرادة الشعب المصري، مشيراً إلى أن "التوافق غاب عن التشكيل الحالي للجمعية التأسيسية".

مسؤولية مرسي

وحمَّل عضو الجمعية التأسيسية عمرو حمزاوي الرئيس مرسي المسؤولية كاملة في الخروج من الأزمة الحالية، مطالبا مرسي بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية باعتبار ذلك حلاً سياسياً للأزمة.

وأكد حمزاوي على ضرورة إعادة تشكيل "التأسيسية" في إطار سياق وطني ووفق معايير محددة، حتى يتم وضع دستور توافقي يجنب البلاد الأزمات، وأردف بأن "مسودة الدستور لا تليق على الإطلاق بالدفاع عن حريات وضمان حقوق الإنسان المصري، فهى تقيد حرية التعبير، كما أنها لا تحقق المساواة بين الرجل والمرأة، وفي النهاية تجعل من الرئيس فرعونا جديدا لا يحاسب".

في المقابل، قال المتحدث الرسمي باسم جماعة "الإخوان المسلمين" محمود غزلان لـ"الجريدة" إن "موقف القوى المدنية غير مفهوم على الإطلاق، فبدلا من العمل على الاصطفاف الوطني خلف الرئيس مرسي للخروج من الأزمات السياسية نجد أنها تسعى إلى إشعال الموقف بما لا يحتمل بالانسحاب والتصعيد غير المبرر، فالجميع شارك في كتابة الدستور، فلماذا الاعتراض عليه الآن؟!".

في السياق، رفضت المحكمة الدستورية العليا تسلم ملف قضية دعاوى حل الجمعية التأسيسية بحجة عدم اكتمال أوراق القضية، وهو ما يهدد بتأجيل نظر دعاوى الحل إلى حين، وقالت مصادر قضائية إن رئيس محاكم القضاء الإداري سيتدخل بشخصه في هذا الأمر، ويطلب من قضاة المحكمة الدستورية تسلم الملف حرصًا على سرعة الفصل في النزاع.