مرافعة : قضاء العدالة البطيئة!
من الضروري جدا أن يكشف المجلس الاعلى للقضاء لوزير العدل "المحامي" جمال الشهاب أو حتى لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك ثلاث حقائق، مفادها بأن العمل القضائي لن يتطور ولن يتقدم إذا لم تتحقق فيه ثلاث قضايا آنية لا هي بحاجة إلى تشريع ولا بتكلفة سياسية، بل إلى قرارات وزارية فقط، وهي أولا إصلاح الجهاز التنفيذي المعاون للقضاء وتقديم الحوافز اللازمة والكاملة لهذه المهن وجعلها مهنا جاذبة، وثانيا توفير مبان جديدة حتى لو كانت مستأجرة مؤقتا شريطة أن تستمر الوزارة بالعمل على إنشاء مبان جديدة وحل قصة التشابك مع وزارة الأشغال ليتمكن القضاء من فتح دوائر قضائية جديدة تستوعب كل القضايا المكدسة والتي حددت لها مواعيد كان آخرها في شهر مايو2013، وثالثا زيادة عدد القضاة الكويتيين أو زيادة طفيفة بأعداد المستشارين المعارين من خارج البلاد.وإذا ما نجحت الوزارة في فلترة جهازها الإداري بأن تقوم أولا بمنح البدلات والحوافز المالية المناسبة للموظفين التنفيذيين في إدارات التنفيذ بكل أقسامها وإعلانات صحف الدعاوى وإدارة الكتاب، ثم تقوم بغربلة تلك الإدارة وإبعاد العناصر غير العاملة خارج الإدارة وهو ما يستلزم إيجاد جهاز مستقل يتولى التفتيش على أعمال الموظفين المعاونين لرجال القضاء حفاظا على الجهاز القضائي وعلى أدائه لأمانته والتي قد يكون موظف التنفيذ سببا في عرقلتها أو الإخفاق بتنفيذها أو الإعلان مثلا!
كما أن الوزارة متمثلة في وزيرها المحامي لها أن تجتمع بوزير الأشغال وتنهي ملف المباني القضائية المعطلة منذ سنوات، وأن تعمل بالتنسيق مع القضاء على استئجار مبان ملائمة للمحاكم لفترة مؤقتة لا تتجاوز الخمس سنوات على الاقل، فالمباني الحالية إن كان بعضها غير صالح للعمل القضائي فأيضا لم تعد قادرة على فتح المزيد من الدوائر القضائية، وهو ما تسبب في تكدس القضايا والتأخير بالفصل فيها، بينما المواطن ذاته بعد أن سدد الرسوم القضائية الملقاة على عاتقه ينتظر قضاء يحدد لدعواه جلسة قريبة ويصدر بها حكما بالميعاد ويذهب به لإدارة التنفيذ ليستوفي به حقوقه.أما القضية الأخيرة فهي مسؤولية المجلس الأعلى للقضاء، وعليه أن يزيد أعداد القضاة العاملين في الهيئات القضائية، وذلك بدءا بزيادة عدد المقبولين في النيابة العامة بشكل سنوي، فقبول 25-30 وكيل نيابة كما هو الوضع الحالي، يقابله انتقال مايقارب 15 إلى 20 وكيل نيابة إلى القضاء بشكل سنوي أيضا غير كاف، علاوة على أن إعارة 50 مستشارا وافدا بشكل سنوي يوزعون بين النيابة والقضاء ويحلون محل 50 آخرين تنتهي عقود إعارتهم هو الاخر ليس بحل سيعمل على تطوير العمل بالقضاء! ولذلك فالقضاء لن يتطور ما لم يتم توفير موظفين أكفاء أصحاب خبرة يتمتعون بحوافز ومزايا مالية يخضعون للتفتيش والرقابة، ولن يتطور القضاء ولن يتقدم إذا لم توفر له الحكومة مباني متسعة تتحمل زيادة عدد الموظفين، وتوفر فيها القاعات التي تستوعب أيضا مستقبلا الزيادة المتوقعة لحالات التقاضي في الكويت، وأخيرا فإن القضاء لن يتطور ولن يتقدم إلا بزيادة عدد القضاة الذين يتولون الفصل في الدعاوى وهو ما لم يتحقق إذا لم تتم زيادة عدد المقبولين في النيابة، وإلا فإن التطور الذي ننشده لن يمر بجانبنا نهائيا إلا بتحقيق تلك العناصر المهمة أولا، وإلا فسنستمر في تكريس "العدالة البطيئة" التي نعيشها بسبب عجز الحكومات المتعاقبة على إحداث حالة التقدم الطبيعي بتوفير مبان وموظفين أصحاب خبرة للمحاكم، مع إصرار الحكومات على الاحتفاظ بالجانب المالي والإداري للسلطة القضائية لأكثر من 50 عاما!