مع بيان معظم القوى السياسية والنيابية رفضها تقليص عدد أصوات الناخب في قانون الانتخاب، تكون الحكومة أمام اختبار جديد في تعاطيها مع الملفات الساخنة التي يفرضها الحراك الشعبي على الساحة، وقرارها في هذا الملف إما أن يفك العقدة السياسية أو يزيدها تعقيداً.

Ad

ويرى المعارضون لاستخدام مراسيم الضرورة لتقليص عدد الأصوات أن في هذا الخيار التفافا على حكم المحكمة الدستورية الذي حدد آليات التعديل بيد المشرع، كما أن تقليص الأصوات لا يتوافق مع مفهوم الضرورة الذي قيد هذه الأداة الدستورية، ويؤكدون أن التعديل يهدف في حقيقته الى السيطرة الحكومية على البرلمان.

كتلة الأغلبية

في المقابل، يرى المؤيدون أن استخدام مراسيم الضرورة حق "مطلق" لأمير البلاد، في ظل غياب مجلس الأمة، بيد أنهم لا يخفون موقفهم الحقيقي بأن التعديل من شأنه تقليص كتلة الأغلبية المعارضة، وتفكيكها في الانتخابات المقبلة، وهو ما يسعون اليه.

أما الفريق الدستوري والقانوني، الذي استعانت به الحكومة للطعن في قانون الانتخابات، فيؤكد أن حكم المحكمة الدستورية أعطى الضوء الأخضر لإجراء الانتخابات وفق القانون الحالي، مغلقا باب الطعون عليه، الأمر الذي تفقد معه مراسيم الضرورة لتعديله سندها الدستوري، حسبما صرح أستاذ القانون في كلية الحقوق الخبير الدستوري د. محمد الفيلي، كما أن الخبراء الدستوريين اجمعوا على أن الضرورة لا تتوافر في هذا الأمر.

يقول مراقبون إن أي نظام انتخابي لا يمكن التنبؤ بمخرجاته، بما أنه مرتبط بسلوك الناخبين واختيارهم لمن يمثلهم، مشيرين الى أن الحياة البرلمانية في الكويت مرت بثلاثة قوانين لتوزيع الدوائر وعدد الأصوات (الـ10، والـ25 وأخيرا الـ5) وفي جميع التجارب، وفي القانون الواحد، كانت النتائج مختلفة بين أغلبية موالية للحكومة ومعارضة، كما أن نسب تمثيل فئات المجتمع كانت متغيرة من انتخابات الى أخرى، فالعملية لها علاقة بمزاج الناخب وأداء السلطتين التنفيذية والتشريعية.

الاستقرار السياسي

ويضيف المراقبون أن البحث عن الاستقرار السياسي بتغيير النظام الانتخابي مفهوم لا يتوافق مع الواقع، مستشهدين بتجربة مجلس 2009 الذي كان يمثل أغلبية مريحة للسلطة والحكومة، إلا أن تلك الأغلبية تقلصت بسبب القضايا التي فشلت الحكومة في التعامل معها، كما أن أقلية مجلس 2012 كانت مشاكسة للحكومة باستجواباتها، ولم يتحقق لها الاستقرار رغم وجود أغلبية مهادنة الى حد ما.

ويرون أن لجوء الحكومة الى المحكمة الدستورية لضمان سلامة الانتخابات المقبلة فرض عليها التزاما بالتمسك بالقنوات الدستورية لتعديل القانون بعد تحصينه، لافتين الى أن الحكم قطع عليها طريق التعديلات بشكل نهائي عبر مراسيم الضرورة، ليبقى الخيار الأسلم اليوم هو ترك أي تعديل بيد المجلس المنتخب المقبل.

قرار تقليص أصوات الناخبين مازال في مطبخ السلطة، ولم يحسم اتجاهه بعد، وتمارس العديد من الشخصيات السياسية ضغوطا للدفع باتجاهه، بينما تدفع القوى السياسية والنيابية والشعبية ضده، وتدرك الحكومة أن التعديل سيعيد تصعيد الشارع ضدها من جديد، ويفقدها مصداقيتها لدى القوى السياسية التي توحدت مجددا ضد أي تغيير على "الأصوات".