الصيام والتمارين الرياضية... لسلامة الجسم في رمضان


نشر في 29-07-2012
آخر تحديث 29-07-2012 | 00:01
 د. رباح النجاده أجمع الأطباء والاختصاصيون على أهمية ممارسة الرياضة بشكل مستمر ودائم طوال أيام السنة للحفاظ على صحة الأجهزة الحيوية وكفاءتها واللياقة الصحية والبدنية والوقاية من الأمراض المختلفة. هل يمكننا ممارسة الرياضة خلال الشهر الفضيل، وما هي الخطوات التي علينا اتباعها في هذا المجال؟

تساهم ممارسة الرياضة في حصولنا على جسم جميل ورشيق، قوي ومرن في آن، بالإضافة الى أنها تقضي على الخمول والكسل والشيخوخة المبكرة، وترفع الثقة في النفس وتساعد على التخلص من الضغوط الحياتية والتوتر المصاحب للحياة العصرية.

إذا كانت ممارسة الرياضة طوال العام أمرًا مهمًا لسلامة الجسم فإن ممارستها في شهر الصيام تعتبر أكثر أهمية من بقية الأشهر. فرمضان شهر العبادة والصيام، يتميز بطابع خاص حيث تكثر فيه العبادات والصلوات وقيام الليل، بالإضافة إلى زيارات الأهل والأصدقاء وارتياد الدواوين لفترات طويلة، الصيام والامتناع عن الطعام والشراب لساعات طويلة، تصل إلى أكثر من 15 ساعة، ما يعرض الجسم للتعب والاجهاد، ناهيك بالسهر لفترات تمتد إلى ما بعد أذان الفجر.. هذه الأمور كلها تجعل ممارسة الرياضة عاملاً مهماً للصيام لرفع كفاءة الجسم ولياقته البدنية والصحية وإضفاء النشاط والحيوية، فضلاً تحصين الجسم من الأمراض والقضاء على الخمول والكسل.

كيف يؤثر الصيام في عمل الجسم؟

نتيجة الساعات الطويلة من الصيام يعاني الجسم من الحرمان من الطعام والماء. بالتالي، تحدث استجابة للجهاز العصبي حيث يحدث تنشيط لمركز تقنين مخزون الطاقة الذي يؤدي إلى حرق الدهون المخزونة في النسيج الدهني لتوفير السعرات الحرارية الضرورية لأجل القيام بالوظائف الأساسية (التنفس، ضخ الدم إلى جميع أجزاء الجسم، الحفاظ على ثبات درجة حرارة الجسم 37 ْ م، الحفاظ على النغمة العضلية، وظائف الغدد الهرمونية المختلفة) والقيام بالأنشطة البدنية اليومية. كذلك لا ننسى تنشيط مركز تقنين مخزون الماء لتعويض نقص المياه فيحدث جفاف في الجسم. هذا ما يمرّ به للجسم في الأيام العادية إذا ما تعرض لحمية قاسية. وفي وقت الإفطار وخلال تناول الطعام، يكون الجسم مهيئاً لتخزين الطعام والماء بسرعة لتعويض الحرمان الذي تعرض له خلال فترة الصيام.

لذلك فإن النقص في الوزن الذي حدث أثناء الصيام سيعود وبشكل أكيد بعد الإفطار، خصوصاً إذا أفرط الصائم في الطعام واستمر على هذه الحال طوال شهر رمضان من دون ممارسة لأي نشاط رياضي.

ومن المهم أن نعرف أن الجسم في حالة تعرضه للحرمان ونقص مصادر الطاقة يحدث نقصاً في الوزن إنما من الأنسجة غير الدهنية، ما يؤثر بشكل سلبي على الصحة، بينما ممارسة الرياضة مع الحرمان من الطعام يؤديا إلى فقدان الوزن من الأنسجة الدهنية، وذلك يؤثر بشكل إيجابي على الصحة.

يشجع الاختصاصيون جميع فئات المجتمع، من رجال ونساء وكبار وصغار وأصحاء ومرضي، على ممارسة الرياضة في شهر رمضان. لأن الرياضة بالإضافة إلى فوائدها المتعددة لصحة الجسم وسلامته فهي تؤدي دوراً مهماً في الحفاظ على توازن مكونات الجسم من سوائل وعضلات ودهون وعظام. كذلك للرياضة دور كبير في الوقاية من أمراض العصر وسوء استغلال الوقت والطعام في شهر رمضان.

صحة الجسم والتمارين

ممارسة الرياضة في شهر رمضان يصبح ضرورة حقيقية للحفاظ على حيوية الجسم، فنظام الحياة اليومي ونظام الجسم يتغير في رمضان. يقل عدد ساعات النوم ليلاً وينخفض النشاط البدني في النهار ويتركز في الفترة المسائية، بالإضافة إلى تغير النظام الغذائي من حيث عدد وتوقيت الوجبات ونوعها، إذ تتصف الوجبات في الكويت بزيادة السكريات والدهون. نتيجة للصيام الطويل طوال النهار وحرمان الجسم من الماء، خصوصاً في المناخات الحارة كمناخ الكويت، يحدث جفاف في الجسم وضعف في العضلات. لذلك تصبح ممارسة الرياضة أمراً مهماً جداً لتقوية العضلات والحفاظ على سلامة الجسم والاستفادة من مميزات الصيام.

في حديث رواه النسائي عن أبي أمامة، قلت يا رسول الله مرني بعمل ينفعني الله به قال: عليك بالصوم فإنه لا مثيل له. كذلك قال رسولنا الكريم: «صوموا تصحوا».

في الصيام خير كثير، ومن هذا الخير ما يخص سلامة فسيولوجية الجسم وعمل وظائفه الحيوية. والتفسير العلمي لأهمية الصيام للجسم أنه يساعده على القيام بعملية الهدم للتخلص من الخلايا القديمة أو الزائدة. كذلك ينشط عملية التمثيل الغذائي عموماً بشقيها البناء والهدم. والصيام يخلص الجسم من الدهون الزائدة المخزونة تحت الجلد في النسيج الدهني الناتجة من فائض الطعام، ويخلصه أيضاً من الفضلات ومخلفات التمثيل الغذائي والطاقة، كذلك يعطي فرصة للجسم وجميع خلاياه وغدده وأجهزته للقيام بعملها براحة وعلى أكمل وجه. ويعمل الصيام على تخليص الدم من الدهون الموجودة فيه أو المترسبة داخل جدران أوعيته الدموية أو فوقها. كذلك يعمل على راحة الجهاز الهضمي.

فوائد مؤكدة

أثبتت المراجع العلمية أن للصيام والرياضة فوائد كثيرة على الجسم:

• خلال فترة الصيام يحصل الجهاز العضلي على الطاقة عن طريق استخدام الغلوكوز الموجود في الكبد، فإذا زاد المجهود البدني وارتفعت الحاجة إلى الطاقة وأصبحت كمية الغلوكوز في الكبد غير كافية لإمداد العضلات بالطاقة، يستخدم الجهاز العضلي مصدراً آخر وهو تحليل الدهون من الأنسجة الشحمية وأكسدة الأحماض الدهنية. وإذا قلت الأحماض الدهنية يتجه الجهاز العضلي إلى أكسدة الدهون الموجودة في الكبد. فالصيام والرياضة فرصة لحرق الدهون المخزونة.

• النشاط والحركة ينشطان جميع عمليات الأكسدة وجميع أنظمة إنتاج الطاقة في الجسم.

• الصيام والرياضة يعملان على زيادة كفاءة عمل الكبد وينشطان عملية التمثيل الغذائي.

• يزيدا كفاءة الجهاز العضلي ويخلصان الجسم من الشحوم، ويحافظان على وزن الجسم بعد الأكلات الرمضانية الدسمة والغنية بالدهون والسكريات.

• يعملان على زيادة كفاءة الجهاز الدوري الدموي فيزيد من إنتاج عدد كرات الدم الحمراء، وبالتالي تزيد كمية الهيموغلوبين التي تحمل الأوكسيجين وتنقله. كذلك يزيد إنتاج عدد كرات الدم البيضا، وبالتالي تزيد قدرة الجسم على الحماية والدفاع، ويرتفع إنتاج الصفائح الدموية، ما يهيئ الجسم للتجلط السريع في حالة النزيف.

• يعملان على تقوية الجهاز المناعي فتزيد قوة الجسم على مقاومة الكثير من الأمراض.

• تقوي الرياضة عضلة القلب والرئة فتساعد على تحمل مشاق الصيام.

• تقضي الرياضة على الخمول والكسل وتنشط الجسم للقيام بأعباء رمضان.

• ممارسة الرياضة في رمضان أمر مهم للحفاظ على توازن مكونات الجسم من سوائل وعضلات ودهون وعظام.

• تحافظ ممارسة الرياضة على سلامة الجهاز الحركي لأداء وظائف رمضان بأفضل صورة.

أفضل الأوقات

يتفق الاختصاصيون وخبراء الرياضة على أن أفضل الأوقات لممارسة الرياضة في شهر رمضان يكون في فترتين: قبل الإفطار بساعة إلى ساعة ونصف الساعة فينتهي النشاط الرياضي قريباً من وقت الإفطار، فيعوض الجسم حاجته من السوائل والأملاح المعدنية والطاقة المفقودة عند الإفطار. أو بعد الإفطار بثلاث إلى أربع ساعات، فيكون الجسم قد أتم عملية هضم الطعام براحة من دون التعرض لمشاكل عسر الهضم. يتوقف اختيار الفترة على السن والحالة الصحية والهدف من ممارسة الرياضة. عموماً، ينصح بممارسة الرياضة في أي وقت يشعر الصائم فيه بالراحة والسعادة خلال التمارين وبقدرته على الممارسة من دون تعب يذكر.

قبل الإفطار

يفضل معظم الناس في الكويت ممارسة الرياضة في شهر رمضان قبل الإفطار، إذ يتوافر وقت فراغ في هذه الفترة فتقل الأنشطة والأعمال والالتزامات بينما ينشغل الناس بعد الإفطار بالعبادات والزيارات والمجاملات.

نصائح

• عموماً، يكون الجسم في نهاية اليوم الرمضاني منهكاً من الصيام وفي قمة جفافه، لذلك لا ينصح المسنون وأصحاب الحالات الصحية الخاصة، كمرضى السكر والضغط والقلب، بممارسة الرياضة في هذه الفترة.

• لا مانع من ممارسة الشباب ومن يتمتع بصحة جيدة الرياضة في أجواء معتدلة بعيداً عن حرارة الجو الشديدة أو الرطوبة، كما هي الحال في الكويت.

• يفضل أن تكون ممارسة الرياضة في الأماكن المغلقة جيدة التهوية والتكيف لحماية الصائم من حرارة الجو وضربة الحرارة، فالجو الحار يزيد من فقدان الجسم للسوائل والتعرض للجفاف.

• ممارسة الرياضة قبل الإفطار بمدة ساعة إلى ساعة ونصف الساعة، وألا تزيد فترة الممارسة عن ساعة كي لا يصاب الصائم بإجهاد كبير.

• يجب أن تكون الرياضة خفيفة معتدلة الحمل كالمشي والهرولة وركوب الدراجة، أو التمارين الرياضية السويدية، أو استخدام الأجهزة المعتدلة السرعة والحمل.

مميزات

• تعمل على تنشيط الجسم ورفع كفاءته في التخلص من السموم الناتجة من عمليات التمثيل الغذائي.

• توقيت قبل الإفطار يعتبر مثالياً لمن يهدف إلى انقاص وزنه والتخلص من الشحوم المخزنة، إذ يكون سكر الدم في أقل مستوياته في نهاية يوم الصيام فيتجه الجسم إلى تحويل الدهون لاستخدامها كمصدرللطاقة.

• تعمل على زيادة الشعور بالراحة والاسترخاء.

بعد الإفطار

لا ينصح بممارسة الرياضة بعد الإفطار مباشرة أو بعده بفترة قصيرة، لأن معظم الدم والغذاء والأوكسجين يكون متجهاً إلى المعدة والجهاز الهضمي لإتمام عملية الهضم.

نصائح

• عدم الاستعجال بممارسة الرياضة والمعدة ممتلئة، بل الانتظار بين ثلاث إلى أربع ساعات.

• شرب ما يكفي من السوائل قبل ممارسة الرياضة من دون مبالغة.

• ممارسة الرياضة في أماكن جيدة الإضاءة لتفادي حدوث الإصابات.

• عدم ممارسة الرياضة لمدة تزيد عن ساعة أو بحمل تدريبي عالي الشدة لتجنب الإعياء والإجهاد.

مميزات

• تناسب هذه الفترة المسنين وأصحاب الحالات الصحية الخاصة.

• من مميزات ممارسة الرياضة بعد الإفطار أنها تحفز عمليات الأيض وتسرعها.

• تحرق الرياضة السعرات الحرارية الزائدة المستمدة من الطعام، فممارستها بعد إتمام عملية الهضم ستعمل على منع ميل الجسم إلى تخزين السعرات التي دخلت مع وجبة الإفطار لأن الأولوية في الطاقة تكون للجزء الذي يقوم بالنشاط الرئيس وهو العضلات.

back to top