لا جدال إطلاقاً في أن هذه المنطقة، التي بقيت تمر بحالة عدم استقرار منذ الحرب العالمية الأولى وانهيار الإمبراطورية العثمانية والأسباب هنا كثيرة ومتعددة، تعيش الآن كمن ينتظر عواصف لا يُعرف زمن هبوبها بالضبط لكنه متأكد من أنها قادمة لا محالة، إذ إن كل هذا الذي رأيناه خلال عام وأكثر، ولم يستقر بعد على وضع من الأوضاع، هو مجرد هزات ارتدادية مسبقة لزلزال هائل سيشمل الشرق الأوسط وما بعد الشرق الأوسط، وسيضرب أول ما سيضرب أولئك الذين يضعون أكفهم فوق عيونهم حتى لا يروا الحقائق التي غدت تقف على أبوابهم.
لم تستقر الأوضاع بعد، لا في العراق الذي هو اللغم الأكبر في هذه المنطقة ولا في ليبيا ولا في تونس ولا في اليمن الذي يتهدده "التشطير" أكثر مما يتهدده "القاعدة" ولا في مصر ولا في سورية ولا في لبنان ولا في السودان، وبالطبع فإن على الذين يصرون على عدم رؤية الحقائق التي غدت شاخصة تفقأ العيون أن "يفركوا" عيونهم جيداً ليروا هذه الحقائق ويبادروا إلى مواجهتها بدل الاستمرار في الاختباء وراء مجرد أصبع واحد من أصابعهم!هناك تحذيرات دولية وعربية و"أعجمية"! من أن كل هذا التصاعد المتواصل لحدة العنف في سورية سيؤدي إلى حرب أهلية، هي كانت في حقيقة الأمر قد بدأت في فترة مبكرة، وهناك حرب أهلية في العراق لا تزال "تُعسعِسْ" تحت رماد المناكفات الطائفية والمشاحنات العرقية وهي قد تنفجر في أي لحظة على نحو أكثر هولاً مما كانت عليه وهناك عدم الاستقرار القبائلي في ليبيا المفتوح على شتى الاحتمالات، وهناك كل هذا الذي يجري في مصر والذي هو أكثر من لعبة سياسية بين من يقولون إنهم أصحاب ثورة الخامس والعشرين من يناير ومن يُتَّهمون بأنهم قد سرقوا هذه الثورة من أصحابها وعلى أساس أن هناك قانوناً يقول: "إن الثورة يصنعها الشجعان ويقطف ثمارها الجبناء".إن هذا بالإضافة إلى كل ما يجري في السودان وما يجري في فلسطين التي يبدو أنها قد أصبحت منسية يجعل هذه المنطقة كمن ينام فوق برميل من القنابل الشديدة الانفجار خصوصا أن الواقع الإقليمي فيه ذئاب جاهزة للانقضاض على هذا الذي يسمى "الوطن العربي" تشبه الذئاب والوحوش التي وصفها الشنفرى في "لامية العرب" حيث قال:مهرَّتـةٌ فوهٌ كــأنَّ شـدوقهاشقوق العصيِّ كالحاتٌ وبُسَّـلُإن إيران "الشقيقة" بقيت تنغص علينا نومنا في عهد الشاه وفي عهد الثورة الخمينية "الميمونة"! وهي تتعمد يومياً استفزاز باقي ما تبقى من عروبة في عروقنا بالضغط على أطراف أصابع دول الخليج العربية وبالتمادي في التدخل في شؤون العراق وشؤون سورية وفي شؤون لبنان... واليمن ومصر وفي الشأن الفلسطيني الذي بات "لا يغيظ العدا ولا يسر الصديق"... وهناك هذه الـ"سايكس-بيكو" الجديدة التي باتت تزحف نحونا والتي لا ينكرها إلا أعمى بصر وبصيرة ولهذا فإننا نقول إن العواصف الحقيقية قادمة لا محالة سواء جاءت في هيئة فوضى "خلاقة"، ولا توجد أي فوضى خلاقة، أو فوضى مدمرة.
أخر كلام
العواصف الحقيقية قادمة!
04-06-2012