تتابع القيادات السياسية في «قوى 14 آذار» قراءة تداعيات حرب غزة الأخيرة على الوضع في لبنان والشرق الأوسط، فتشير الى أن «حزب الله» محرج بما رافق الحرب وما انتهت اليه خلافاً لكل المحاولات الهادفة الى تصويره منتصرا بانتصار خيار المقاومة في فلسطين.

Ad

وفي اعتقاد هذه القيادات أن حرب غزة الأخيرة نسفت كل الأسس والحجج والمبررات التي استخدمها «حزب الله» للضغط على خصومه السياسيين ولتبرير توجيه سلاحه الى الداخل اللبناني متسائلة: إذا كان مأخذ «حزب الله» على حكومة الرئيس فؤاد السنيورة خلال حرب عام 2006 أنها لم تؤمن له «ظهيرته» سياسياً، وإذا كان مأخذه على نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك أنه لم يكسر الحصار على غزة خلال الحرب الإسرائيلية عليها في عام 2008، فبماذا تراه يبرر ما قام به النظام السوري من إقفال لمكاتب حماس ومصادرة لأملاكها، وختم المقرات التي كانت تستخدمها بالشمع الأحمر قبل نحو عشرة ايام من الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة؟ وكيف يبرر استمرار تحالفه ودعمه لهذا النظام الذي قطع شرايين أساسية من الشرايين التي يفترض أن تدعم المقاومة في غزة في مواجهة إسرائيل؟

وبحسب القيادات المذكورة فإن «حزب الله» وخلافاً للمكابرة العلنية يدرك تماماً أن ما انتهت إليه حرب غزة يختصر باستعادة العرب لورقة فلسطين التي سبق لإيران أن صادرتها على المستوى الإقليمي، وسبق لحزب الله ان استخدمها في أكثر من مناسبة كجانب من جوانب تبرير تسلحه واحتفاظه بالسلاح خارج الشرعية اللبنانية وخارج التوافق الوطني اللبناني الشامل وخارج الشرعية العربية وقراراتها وسياساتها. وينبع قلق «حزب الله» من كون استعادة العرب لورقة فلسطين سيشكل من دون أدنى شك مقدمة لاستعادة العرب الورقة اللبنانية من ضمن الصحوة التي أطلقها الربيع العربي على مستوى السياسات الداخلية للدول العربية، وبالتالي على مستوى الدور الإقليمي لهذه الدول.

وتلفت القيادات السياسية في «قوى 14 آذار» الى أن عودة حماس الى الأحضان العربية عززت شرعيتها التي ستخطو خطوات مهمة في غضون الاسابيع القليلة المقبلة من خلال المصالحة المرتقب تعزيزها بين حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية وتحديدا مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي يستعد لانتزاع اعتراف دولي بفلسطين كدولة من دون عضوية في الأمم المتحدة، مما سيفتح باب الانتخابات الفلسطينية على مصراعيه، وهو ما تراهن عليه حماس لتصبح جزءا من الشرعية العربية والإقليمية كامتداد للمدراس السياسية والحزبية التي أفرزتها المتغيرات في كل من تونس ومصر وغيرها من دول الربيع العربي.

وتشير القيادات السياسية في «قوى 14 آذار» الى أن «حزب الله» محرج بين خيارين:

1- الأول يقضي بأن يحذو حذو حماس فيعود جزءا من مفهوم الدولة الحقيقية في لبنان، وبالتالي يعود جزءا من الشرعية العربية، بما يعيد تلميع صورته عربيا ودوليا، وهو ما يستدعي فك ارتباطه العضوي والسياسي والاستراتيجي بكل من إيران وسورية.

2- الثاني المضي قدما في المكابرة والالتصاق والتبعية لكل من إيران وسورية، وهو ما سوف يعرضه قريبا لضربة قاسية مع السقوط المرتقب للنظام السوري، ومع احتمالات تسوية أميركية – إيرانية من الممكن أن يكون «حزب الله» في لبنان أهم أبرز أثمانها.

فـ «حزب الله» الذي في ضوء هذا الواقع خسر الشرعيتين اللبنانية والعربية وهو الفاقد أصلا لأي شرعية دولية، يجد نفسه أمام خطر فقدانه المظلة الإيرانية وهي المظلة الوحيدة التي تضمن له حتى الآن الحد المطلوب من مقومات البقاء.

وانطلاقا من هذه المقاربة ترى القيادات السياسية في «قوى 14 آذار» أن أمام «حزب الله» فرصة تاريخية مماثلة لتلك التي فتحت أمامه في عام 2005 بعد الخروج العسكري السوري من لبنان للعودة الى كنف الشرعية اللبنانية ولنسج بيئة لبنانية حاضنة له من ضمن مفهوم الدولة والمؤسسات، مستفيدا بذلك من تجربة حماس في فلسطين، وإلا فإنه سيكون قد اختار بالمفهوم العسكري والتنظيمي خيارا سينتهي به الى ما هو عليه اليوم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وإلى ما تعانيه إيران اليوم من عقوبات وعزلة ومصاعب لا تنفع في إخفائها كل العراضات الإعلامية والمناورات العسكرية.