«القضية العربية في الشعر الكويتي» في طبعة جديدة
الوقيان يرصد الأحداث في القصيدة منذ بداية القرن الـ 20
عبر كتابه «القضية العربية في الشعر الكويتي»، يرصد الدكتور خليفة الوقيان التيار القومي للقصيدة، متتبعاً هذا التفاعل منذ العقود الأولى للقرن العشرين وما تلاها.
عبر كتابه «القضية العربية في الشعر الكويتي»، يرصد الدكتور خليفة الوقيان التيار القومي للقصيدة، متتبعاً هذا التفاعل منذ العقود الأولى للقرن العشرين وما تلاها.
بعد مرور 35 عاماً على طبعته الأولى، صدرت الطبعة الثانية من كتاب «القضية العربية في الشعر الكويتي» للدكتور خليفة الوقيان. يتضمن الكتاب في نسخته الجديدة المعدّلة والمنقّحة أربعة فصول، يبدأ الأول منها بتمهيد تاريخي يعرض للمرحلة التي شهدت بدء شعراء الفصحى في الكويت، ولا يعتمد هذا التمهيد على الاجتهادات السابقة، بل يحاول أن يدلي بتصور جديد مخالف في بعض جوانبه لتلك الاجتهادات. أما الفصل الثاني فيتناول بواعث الوعي الوطني والقومي المبكر، الذي بدأت بوادره في الظهور مطلع القرن العشرين، وكان أحد آثاره إقامة مجلس الشورى في عام 1921، والمجلس التشريعي في عام 1938.
التحرر الوطنييصوِّر الفصل الثالث اتساع أفق التفاعل مع الأحداث القومية في مرحلة مبكرة من خلال عرض نماذج شعرية تهدف إلى التنبيه لظاهرة اهتمام شعراء الكويت بقضايا الوطن العربي في مرحلة التحرر الوطني وما تلاها، ومن ذلك تمجيد ثورة الريف في المغرب، نضال الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي، وجهاد ليبيا بمواجهة الاستعمار الإيطالي. فضلاً عن الإشادة بنضال أقطار المشرق العربي ضد الاستعمار والأنظمة المستبدة، والدعوة من ثم إلى الوحدة العربية. ومن بين القصائد المتفاعلة مع ثورة الريف في المغرب في مطلع العقد الثالث من القرن العشرين نص للشاعر عبد اللطيف إبراهيم النصف يمتدح فيه الأمير عبد الكريم الخطابي قائلاً:طلعتَ فظَنّوا في ثيابك طارقاً/ وذكرتهم أيام طـــارق فيهمُ/ صدمتهمُ وسط الملاحم صدمةً/ فكم بعدها ثكلى ترنُّ وترزمُ/ فلله يوم فيك قد شهد العدا/ حساماً جلاه الله لا يتثلمُ/ فقد علمت «مدريد إنك فاتحٌ/ وقد شهدت باريس» أنك ضيغمُ.القضية الفلسطينيةوبالنظر إلى أهمية قضية فلسطين فقد أفردت لها الدراسة فصلاً مستقلاً، إذ يتبين أن الشعر في الكويت واكب الأحداث التي توالت في فلسطين بعد صدور وعد بلفور، من قصائد الشاعر خالد الفرج التي تنتصر إلى الحق الفلسطيني، يقول مخاطباً بلفور مستشعراً خطورة وعده: هذي فلسطين الوديعة في مصائبها تميدْ/ ما ينقضي زلزالها/ حتى تزلزل من جديد/ من قبل وعدك بالهنا/ عاش المسوَّد والمسود. في مقدمة الكتاب، يقول الدكتور خليفة الوقيان: «كانت هذه الرسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير، بدأت في إعدادها منذ نهاية العام 1970، وأجيزت من جامعة الكويت في العام 1974، ولم تكن مصادر البحث، وبخاصة المجموعات الشعرية لمعظم الشعراء الكويتيين قد صدرت خلال تلك الحقبة الزمنية. لذلك كان لا بد من البحث عن النصوص الشعرية في المجلات والجرائد والمخطوطات والمظان الأخرى، فضلاً عن الاتصال بالشعراء، أو بذويهم - إن كانوا ممن غادروا الحياة - للحصول على المادة المطلوبة».مواكبة القضايا القوميةيذكر د. الوقيان: «لم تكن هناك كشافات تُعرّف بمحتويات الصحف التي يحتمل أن تضم نصوصاً من الشعر الكويتي. ومن جهة أخرى، كان الحصول على تلك المادة من الشعراء، أو من ذويهم أكمراً عسيراً. فقد كنت أزور بعضهم مرات عديدة في سبيل الحصول على قصيدة أو أبيات من قصيدة، ولكني أخرج منهم صفر اليدين، وعلى الرغم من تلك المعوقات فقد كانت الحصيلة التي أمكن الحصول عليها كافية للكشف عن ظاهرة اهتمام الكويتيين بمواكبة القضايا القومية، والتفاعل الإيجابي معها، منذ فترة مبكرة، الأمر الذي يجيز لنا القول إن الشعر القومي احتل مساحة كبيرة من ديوان الشعر الكويتي».وعن الفترة الزمنية التي تركز عليها الدراسة يقول الدكتور الوقيان: «حيث إن الدراسة أعدت في بداية عقد السبعينيات من القرن المنصرم، قد تناولت الأحداث القومية التي انتصر لها الشعر الكويتي منذ العقود الأولى للقرن العشرين، ثورة الريف في المغرب، وصولاً إلى نهاية عقد الستينات – نكسة حزيران- وما تلاها من أعمال قامت بها المقاومة الفلسطينية في بداية عقد السبعينات».نقل وتحريفكما يشير المؤلف إلى تسرب الفساد إلى الحياة الثقافية والأكاديمية، بصورة عامة، إذ لم يعد كثير من الباحثين والمشتغلين في الشأن الثقافي يتورعون عن النقل والتحريف، وادعاء ما ليس لهم، دون مراعاة للأمانة، أو اعتبار لشروط البحث العلمي، وأذكر في هذا الصدد أن بعض الباحثين والكتاب قاموا بنقل كثير من نصوص الشعر القومي التي بذلت جهداً في استخراجها من مظانها، دون أن يشيروا إلى المصدر الذي نقلوا عنه. كما نقل آخرون بعض ما كتبت عن مجلس الشورى الذي قام في العام 1921 دون إشارة للمصدر، وفاتهم الانتباه إلى وجود خلل طباعي أدى إلى سقوط سطر يضم أسماء ثلاثة رجال ممن وقَّعوا على عريضة المطالبة بإقامة المجلس. ولم ينتبهوا كذلك لوجود ورقة منفصلة تتضمن تصويب الأخطاء المطبعية، ومنها ذلك الخطأ، وقد كشف هذا الخطأ المطبعي حقيقة نقلهم عن دراستي دون إشارة إلى كونها مصدرهم في النقل. وأحسب أن إشارة الباحث – أي باحث- إلى المصادر يعزز بحثه، ويجعله محلاً للثقة، ويجنبه تحمل مسؤولية نقل معلومة مغلوطة.وفي ما يتعلق بالمعالجة الشعرية، يشير المؤلف إلى تأرجح أساليبها بين الحماسة والتفاؤل والإيمان بالإمكانات العربية من جهة، والقلق والشك واليأس من جهة أخرى، وتلك نتيجة طبيعية لتقلبات الأوضاع، واضطراب التوقعات، وتباين التصورات، كما يوضح الوقيان أن البحث لا يقف عند مرحلة معينة من تاريخ الشعر الكويتي، ولا يقتصر على عدد محدد من الشعراء. ولكنه يسعى إلى رصد تيار الشعر القومي إلى الاستعانة بكل ما يمكن أن يخدم هذا الغرض.وتضمن الكتاب نماذج شعرية لشعراء كثر، من البدايات حتى العصر الحالي، محللاً كيفية تعاطي شعر الفصحى في الكويت مع القضايا السياسية الوطنية والقومية، من قصائد الشاعر صقر الشبيب الذي يستغرب من انغماس أجهزة الأعلام في إذاعة اللهو في وقت تكابد الجزائر فيه صنوف العذاب، ويقول: ما للإذاعات بين العرب دائبة/ تبثُ ملء الشروق اللهو والطربا/ كأنها حسبتْ أهل الجزائر في/ ما يقتضي طول بثّ اللهو الدَّأبا.