خميس 2012/8/2

نشر في 05-08-2012
آخر تحديث 05-08-2012 | 00:01
 ناصر الظفيري الخميس 2012/8/2، وهذا يعني أن جيلاً من الشباب اليوم ولد قبل أكثر من عشرين عاماً لم يعاصر خميس 2/8/1990. هو جيل لم يدرك ما تعرض له وطنهم من حدث تاريخي لم يقتصر على الانقضاض على أرض يسكنها، ويستقر عليها آباؤه وأجداده تم محوها وطمس موقعها عن الخارطة، لكنه أكبر من ذلك بكثير. هو الحدث الأول والخطوة التي كرست سياسة الشرق الكبير التي يعيش الآن الجيل العربي من المحيط إلى الخليج تبعاتها. وقد يعتقد البعض أنه يدرك ما يحدث وهو ينظر للمستوى الأول من الأحداث، وما تنتج عنه من مخاضات، لكن النتائج التي تم الترتيب لها ربما تسير باتجاه لا يدركه سوى المطلع على سياسة الغرب الأميركي تحديدا.

يوم خميس 2/8/1990 كان اليوم الأكثر شقاء في تاريخ الكويت على الكويتيين بشكل جماعي، وعلى كل فرد عاش على تلك الأرض تلك الأيام بشكل خاص، وما تلا ذلك هو الأكثر شقاء في حياة الذي اعتدى على الكويت. منذ عام 1991، وهو عام تحرير الكويت، تشكلت مجموعة من المدارس الثقافية والأدبية لتدخل مجالا لم يدخله الأدب الكويتي من قبل. لا ننكر الموقف الأدبي الكويتي المناصر للقضايا العربية والقضية الفلسطينية كقضية مركزية وأدبيات دخلت بحسها القومي لمناصرة العراق في حرب السنوات الثماني، إلا أن التجربة الأدبية التي نتجت بعد الغزو والتحرير كانت تجربة خاصة وحالة ممارسة الواقع الذي عشناه.

بالتأكيد كانت أغلب الأعمال الأدبية والشعرية والمسرحية نسخا واقعيا لما حدث وتصوير مباشر، يشذ عن القاعدة قصة هنا وقصيدة هناك، أما في الأغلب فكانت الأعمال تنحو نحو المباشرة. وكنا نفهم ونتفهم أسباب ذلك لأننا لم نبتعد أكثر من عام أو أقل عن هذه الأحداث، فالزخم الكتابي كان في الأعوام 1992 والذي يليه. لم يكن بالإمكان أن نطلب من كتابنا وشعرائنا أن يصنعوا لنا نسيجاً أدبياً خارقاً لأسباب عدة، أهمها وجودنا في مساحة الجرح وعين العاصفة فكان الواقع أكبر من كتابتنا عنه.

واليوم في خميس 2/8/2012 يبدو أننا لم نتخلص، أدبياً على الأقل، من الخروج من مساحة الجرح، ولم ننجح في صناعة العمل الأدبي إن شعراً أو نثراً أو مسرحاً أو عملاً درامياً يخرج بنا من الواقع الذي نعرفه وعشناه إلى آفاق فنية أرحب تتفوق على هذا الواقع وترسمه بشكل مواز له، لا ينقله كما هو ولا يقتله كما كان. هذه المعادلة الصعبة في صناعة العمل الأدبي أو الفني كانت عسيرة جداً، ومازالت عسيرة حتى اليوم. فشلنا في صناعة فيلم واحد نتركه لأجيال اليوم يصور ما هو إنساني في المعاناة، وكانت أغلب أعمالنا الدرامية لا ترقى لطموحنا الحقيقي.

لا أنكر جهد الأخوة في مسلسل "ساهر الليل وطن النهار"، الذي يعرض حالياً عن أيام الغزو، وأوجه لهم التحية وأشكرهم لأنهم استطاعوا تقديم صورة واقعية بحتة لتلك الأيام. وأشاهد أبنائي وهم يتابعون العمل كل ليلة وأمهم تضيف لهم أحداثاً أخرى برأيها أن المسلسل لم يجسدها كما ينبغي. تحدثهم عن جدهم الذي فشلت ثلاث حروب في النيل منه، ولم يصب فيها سوى بشظية في ساقه، ليقتله صمام صغير في القلب الذي لم يحتمل كل ذلك.

back to top