فجر يوم جديد: صراحة... آخر العمر
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
«غيرة مهنية» حسبما وصفتها مقدمة البرنامج أم قراءة جديدة لم تأخذ حقها من التحليل، ووجهة نظر مغايرة لم تأخد ما تستحق من التقويم؟ أزعم أنها المرة الأولى التي يقترب فيها أحد من المُنجز السينمائي للمخرجين الكبيرين يوسف شاهين وصلاح أبو سيف، ويجتاز ما يسمى بـ «الخطوط الحمراء»، ولأن توفيق صالح ليس «أحداً»، بل واحداً من أهم مخرجي السينما العربية، كان ينبغي أن يؤخذ رأيه على محمل من الجد، ويُنظر إلى شهادته بأنها «وثيقة» من مخرج ينتمي إلى جيل «أبو سيف» و{شاهين»، ويبدو مؤهلاً لكشف الكثير من خبايا هذا الجيل الذي حقق للسينما العربية نقلة كبيرة، ومن ثم فلا يُفترض مطلقاً أن يُقال ببساطة إن «التوفيق خان «توفيق»، وإنه «اختار التوقيت الخاطئ» وإن كلامه «تصفية للحسابات مع الأموات»، بحجة أنه ادخر رأيه طويلاً، ولم يُعلنه أو يُجاهر به في حياة «أبو سيف» و{شاهين»، وهي «حجة عاطفية» استمرأناها كثيراً في وطننا العربي، لنتخلص من عبء البحث والتنقيب وتتبع المعلومة أملاً في توثيقها، والخروج على الرأي العام بنتائج جديدة ربما تقلب «التاريخ» رأساً على عقب. وهذا ما يحدث في العالم الذي لا يعترف بهيمنة «المسلمات»، ولا يخضع لسطوة «التابوهات»، فكل شيء قابل للمراجعة والتقييم، والأشخاص، مهما علت مكانتهم، ليسوا مُنزهين عن الهوى أو مُحصنين ضد النقد بشرط عدم التعرض لحياتهم الشخصية! من هنا فإن القول إن المخرج الكبير صلاح أبو سيف «ماهواش بالعظمة اللي بيقولوا عليها»، ووصف المخرج الكبير يوسف شاهين بأنه: {حرفي وصاحب عين سينمائية»، رأي له اعتباره، وليس سُبة أو تجريحاً، كما يُصلح، في حال عدم استنزافنا في مهاترات شخصية أو جرنا إلى معارك جانبية، كنقطة انطلاق لتقييم موضوعي لمسيرة «أبو سيف»، الذي بدأ حياته فنان «توليف»، مونتاج، قبل أن يتجه إلى الإخراج، والحكم عليه، من واقع أفلامه، كمخرج انشغل كثيراً بقضايا الواقع، ربما على حساب اللغة السينمائية، بينما حدث العكس بالضبط مع شاهين الحاصل على ماجستير في الدراما والإخراج السينمائي من معهد باسادينا بكاليفورنيا عام 1950، واتُهم كثيراً بأن اهتمامه بالصورة في أفلامه طغى على القضية، وأن الفكر يتراجع لديه مقارنة بالإبهار التقني. وهو الرأي نفسه الذي أقر به المخرج الكبير توفيق صالح بعفوية، وفي لحظة صدق حقيقية، ودراية فنية، وينتظر من النقاد والباحثين والمُنظرين التعامل معه بجدية، بعيداً عن أي اعتبارات عاطفية أو مجاملات شخصية، ووقتها سيُكتب تاريخ السينما المصرية بموضوعية نفتقدها، وبناء على معايير أكاديمية نجهلها، ولن يُصبح صلاح أبو سيف ويوسف شاهين، بالقطع، ضحايا المراجعة والتقويم، بل ستتأكد مكانتهما، ويُعاد إليهما اعتبارهما، لأن السينما المصرية ستُنصف بالكامل، بعد تنقية تاريخها من الشوائب، وتخليص رواياتها من الأكاذيب، والاعتماد في ذلك على الوثائق الدقيقة والشهادات الموثوق في أصحابها كسبيل لاستخلاص الحقائق... عندها فحسب يمكن القول إن مخرجنا الكبير توفيق صالح حرك المياه الراكدة، وأسقط الأوهام المتراكمة، عندما أعلن في لحظة صراحة اعتبرها البعض موجعة أن العمر لم يعد فيه بقية... وأننا في حاجة ماسة إلى ننفض التراب عن أشياء كثيرة في حياتنا!